يرجع إلى القود، لأنه تهجم على الدماء المحقونة في نظر الشرع بغير سبب معلوم ولا مظنون، إذ كل واحدة من الشهادتين تكذب الأخرى، فانتفى العلم والظن بصدق إحداهما، والحدود - وهي أسهل وأهون - تسقط بالشبهة، فسقوط القود أولى، وأما إيجاب الدية عليهما فلئلا يطل دم امرئ مسلم قد ثبت أن قاتله أحدهما، لكن لجهلنا بالتعيين أسقطنا القود الذي هو أعلى العقوبتين، وأوجبنا الدية التي هي أخفهما، وتخيير الورثة تسلط على الدم بمجرد التشهي، والكتاب إنما يدل على القود مع علم القاتل وهو منتف هنا.
مسألة: قال الشيخ في النهاية: وإذا قامت البينة على رجل بأنه قتل رجلا عمدا وأقر رجل آخر بأنه قتل ذلك المقتول بعينه عمدا كان أولياء المقتول مخيرين في أن يقتلوا أيهما شاؤوا، فإن قتلوا المشهود عليه فليس لهم على الذي أقر سبيل ويرجع أولياء الذي شهد عليه على الذي أقر بنصف الدية، وإن اختاروا قتل الذي أقر قتلوه وليس لهم على الآخر سبيل وليس لأولياء المقر على نفسه على الذي قامت عليه البينة سبيل، وإن أراد أولياء المقتول قتلهما جميعا قتلوهما معا وردوا على أولياء المشهود عليه نصف الدية ليس لهم أكثر من ذلك، فإن طلبوا الدية كانت عليهما نصفين على الذي أقر، وعلى الذي شهد عليه الشهود (1). وتبعه ابن البراج (2).
وقال أبو الصلاح: إن شاء الأولياء قبلوا الدية منهما نصفين، وإن شاؤوا قتلوهما وردوا نصف الدية على ورثة المشهود عليه دون المقر ببراءة الآخر منهما، وإن شاؤوا قتلوا المشهود عليه وأدى المقر إلى ورثته نصف ديته، وإن شاؤوا قتلوا المقر ولا شئ لورثته على المشهود عليه، هذا إذا أبرأ المقرد المشهود عليه من