مسألة: قال الشيخ في النهاية: ومتى شهد نفسان على رجل بالقتل وشهد آخران على غير ذلك الشخص بأنه قتل ذلك المقتول بطل هاهنا القود إن كان عمدا وكانت الدية على المشهود عليهما نصفين، وإن كان القتل شبيه العمد فكمثل ذلك، وإن كان خطأ كانت الدية على عاقلتهما (1). وتبعه ابن البراج (2)، وهو مذهب شيخنا المفيد (3) - رحمه الله - أيضا.
وقال ابن إدريس: الذي يقتضيه أصول المذهب ويحكم بصحته الاستدلال أن أولياء المقتول بالخيار في تصديق إحدى البينتين وتكذيب الأخرى، فإذا صدقوا إحداهما قتلوا ذلك المشهود عليه ولم يكن لهم على الآخر سبيل، ولا يبطل هاهنا القود، لأنه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة متواترة، بل الكتاب قاض بالقود مع البينة في قوله تعالى: " فقد جعلنا لوليه سلطانا) فمن عمل بهذه الرواية أبطل حكم الآية رأسا، ولا وجه لآخذ الدية منهما جميعا، لأنهما غير مشتركين في القتل، لأن البينة عليهما، بخلاف ذلك، لأنها تشهد بقتل كل واحد منهما على الانفراد دون الاجتماع والاشتراك ويؤيد هذه المسألة ما يأتي من أن من شهد عليه بالقتل ثم أقر آخر بالقتل فللأولياء أن يقتلوا من شاؤوا منهما بغير خلاف، ولا فرق بين الموضعين، لأن الإقرار كالبينة، والبينة كالإقرار في ثبوت الحقوق الشرعية التي تتعلق بحقوق بني آدم (4).
والوجه ما أفتى به الشيخان.
لنا: أنهما بينتان تصادمتا، وليس قبول إحداهما في نظر الشرع أولى من قبول الأخرى ولا يمكن العمل بهما فيوجب قتل الشخصين معا إجماعا، ولا العمل بإحداهما دون الأخرى، لعدم الأولوية، فلم يبق إلا سقوطهما معا في ما