أن يدعي عليه لأن قول الولي: " قتله فلان وحده " لم يقطع به، وإنما قاله بغالب ظنه، وهذا المعترف يخبر عن قطع ويقين فكان أعرف بما اعترف به، فلهذا كان له مطالبته به. والأقوى عندي الأول، لأنا بينا أنه لا يجوز له أن يحلف إلا على علم، وإذا ثبت ذلك فكأنه قال: أنا أعلم أن الثاني ما قتله فيكون مكذبا له، على أنا قد بينا قضية الحسن - عليه السلام - في مثل هذا، وأن الدية من بيت المال (1).
وقال في الخلاف: إذا ادعى رجل على رجل أنه قتل وليا له وهناك لوث وحلف المدعي القسامة واستوفى الدية فجاء آخر وقال: أنا قتلته وما قتله ذلك كان الولي بالخيار بين أن يصدقه ويكذب نفسه ويرد الدية ويستوفي منه حقه، وبين أن يكذب المقر ويثبت على ما هو عليه. وللشافعي قولان: أحدهما: ليس له أن يدعي على المقر، لأن قوله في الأول: " ما قتله إلا فلان " إقرار منه أن هذا المقر ما قتله فلا يقبل منه دعواه عليه، والقول الثاني: له أن يدعي عليه، لأن قول الولي: " قتله فلان " إنما هو إخبار عن غالب ظنه، والمخبر يخبر عن قطع ويقين فكان أعرف بما قال.
دليلنا: قول النبي - صلى الله عليه وآله -: " إن إقرار العاقل جائز على نفسه " وهو إذا قبل من الثاني فقد كذب نفسه في الأول فقبل ذلك منه، وإقرار الثاني مقبول على نفسه، لعموم الخبر (2).
والوجه ما قاله الشيخ في المبسوط، لما علل به فيه.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا سحر رجلا فمات من سحره سئل، فإن قال: سحري يقتل غالبا وقد سحرته وقتلته عمدا فعليه القود كما لو أقر أنه قتله بالسيف عمدا، وقال قوم: لا قود عليه بناء على أصله أنه لا يقتل إلا إذا قتل