ولا بعد فيه، بل فيه أيضا الجمع بين المعقول والمنقول، فإن الإجماع لما دل على تضمين العاقلة والعقل لما دل على أن العقوبة إنما يجب على الجاني جمع شيخنا المفيد بذهنه الثاقب وفكره الصائب بين الدليلين، وألزم العاقلة ضمان الدية لدلالة الإجماع عليه، وجعل لها الرجوع على الجاني تعويلا على دليل العقل. وشيخنا أبو جعفر الطوسي - رحمه الله - أصاب حيث قال: لست أعرف به نصا، فإنه لا يقتضي نسبة شيخنا إلى تخطئة وتغليظ ومخالفة للإجماع، فإن عدم معرفته لا يستلزم عدم النص، فلعل شيخنا المفيد وقف عليه أو عول على دليل قاده العقل إليه.
مسألة: قال الشيخ في النهاية: دية العمد مائة من مسان الإبل، ودية شبيه العمد ثلاث وثلاثون منها بنت لبون وثلاث وثلاثون حقة وأربع وثلاثون منها خلفة، كلها طروقة الفحل. وقد روي أنها يكون أثلاثا: ثلاثون منها بنت مخاض، وثلاثون بنت لبون، وأربعون خلفة كلها طروقة الفحل (1). وكذا في الخلاف (2)، وهو قول ابن حمزة (3).
وفي المبسوط: ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة حوامل (4)، والمعتبر الحامل في الدية ولا يختص بسن، وقال بعضهم: يكون ثنايا (5).
وقال المفيد: في الخطأ شبيه العمد مائة من الإبل منها: ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية، كلها طروقة الفحل، وفي العمد مائة من مسان الإبل (6). وبه قال سلار (7).
وقال ابن الجنيد: أسنان دية الخطأ شبيه العمد أربعون خلفة بين ثنية إلى