وما ذكره ابن إدريس: " من أن قول شيخنا في النهاية مخالف للإجماع " جهل منه وخطأ في القول، وحاشا شيخنا عن مخالفة الإجماع، مع أنه أعرف بمواضعه منه، وأي أخبار تواترت له في ذلك حتى يخالفها شيخنا - رحمه الله - وأي منافاة بين ما قلناه وبين أن الواجب القود، فإنا لو سلمنا له ذلك لم يلزم إبطال ما اخترناه، فإن مفوت العوض مع مباشرة إتلاف المعوض ضامن للبدل.
والشيخ لم يرجع في الخلاف عن قوله في النهاية، بل صدر المسألة بما أفتى به في الخلاف، ثم عقب في آخرها بقوله: ولو قلنا بقول أبي حنيفة كان قويا، وليس في ذلك إفتاء بقوله، ثم مع ذلك كيف يدعي مخالفة الشيخ للإجماع وقد أفتى بقوله جماعة من علمائنا؟!.
مسألة: تصح التوبة من قاتل العمد ويسقط بها حق الله تعالى دون حق المقتول، وهي الآلام التي دخلت عليه بقتله، فإن تلك لا تصح التوبة منها، سواء قتل مؤمنا متعمدا على إيمانه أو للأمور الدنيوية، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١)، لقوله تعالى: ﴿إلا من تاب﴾ (٢) وقوله تعالى: ﴿يغفر الذنوب جميعا﴾ (٣) وقوله تعالى: ﴿غافر الذنب﴾ (4).
ونقل ابن إدريس عن بعض علمائنا أنه لا تقبل توبته ولا يختار التوبة ولا يوفق للتوبة، معتمدا على أخبار آحاد (5).
فإن قصد أنه لا يصح توبته مطلقا حتى من حق الله تعالى فليس بجيد، وإن قصد أنه لا يصح توبته من حق المقتول فحق.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: في الناس من قال: قاتل العمد إنما يجب