ثم قال بعد ذلك بمسائل قليلة: مسألة الموسر عليه نصف دينار والمتوسط ربع دينار ويوزع على الأقرب فالأقرب حتى تنفذ العاقلة، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: على كل واحد منهم من ثلاثة إلى أربعة والغني والمتوسط سواء ويقسم الواجب على العاقلة فلا يبدأ بالأقرب فالأقرب، فخالف الشافعي في ثلاثة فصول: في قدر الواجب والفرق بين الموسر والمتوسط، وهل يقسط على القريب والبعيد أم لا؟ فهذا التعليل مذهب الشافعي. والذي يقتضيه مذهبنا ما قدمنا ذكره من أنه لا يتعين في قدر الواجب، وإنما يوجب عليهم بحسب ما يحتمله أحوالهم، ولا بد أن يفرق بين الموسر والمتوسط ويشترك القريب والبعيد، لأن عموم الأخبار يقتضي ذلك.
دليلنا: على أن الأقرب فالأقرب أولى قوله تعالى: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) وهو عام، ولأنه لا يخلو من أن يكون على الأقرب وحده، ولا خلاف في بطلانه أو على جميع القريب والبعيد وهو باطل، للآية، فوجب أن يكون على الأقرب فالأقرب كالميراث والولاية في النكاح، وأما المقدار فمقدار ربع دينار على المتوسط لا خلاف في أنه يلزمه وما زاد عليه ليس عليه دليل، والموسر نصف دينار أيضا مثل ذلك حتى يكون فرقا بينه وبين المتوسط، ولأنه يلزمه من النفقة مدان والمتوسط مد (1).
وقال ابن إدريس: والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا تقدير ولا توظيف على أحد منهم، بل تؤخذ منهم على قدر أحوالهم حتى يستوفى النجم الذي هو ثلثها؟
لأن تقدير ذلك يحتاج إلى دليل، وشيخنا قد رجع في مبسوطه عما ذكره في مسائل خلافه (2).