وقال ابن إدريس: الذي يقتضيه أصول مذهبنا أن القطع على الأخذ الخارج، لأنه نقب وهتك الحرز وأخرج المال منه، بخلاف المجتاز فإنه لم يهتك حرزا. وأيضا الداخل إما أن يكون قد أخرج المال من الحرز أولا، فإن كان الأول وجب عليه القطع، ولم يقل به أحد. فلم يبق إلا أنه لم يخرجه من الحرز وأخرجه الخارج من الحرز الهاتك له فيجب عليه القطع، لأنه نقب وأخرج المال من الحرز، ولا ينبغي أن يعطل الحدود بحسن العبارات وتزويقاتها وصقلها، وهو قولهم: ما أخرجه من كمال الحرز أي شئ هذه المغلطة، بل الحق أن يقال: أخرجه من الحرز أو من غير الحرز لا عبارة عند التحقيق سوى ذلك، وما لنا حاجة إلى المغالطات بعبارات كمال الحرز (1). وهذا التطويل من ابن إدريس غير مفيد.
والتحقيق أن نقول: إن المقدور الواحد إن امتنع وقوعه من القادرين فالقطع عليهما معا، لأنه لا فرق حينئذ بين أن يقطعا كمال المسافة دفعة وإن يقطعاها على التعاقب، فإن الصادر عن كل واحد منهما ليس هو الصادر عن الآخر، بل وجد المجموع منهما، وإن سوغناه فالقطع على الخارج، لظهور الفرق حينئذ بين وقوع القطع منهما دفعة أو على التعاقب.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا نقب وأخرج ثمن دينار وانصرف ثم عاد من ليلته فأخرج ثمن دينار وكمل نصابا قال بعضهم: لا قطع عليه، لأنه لم يخرج في الأول نصابا وأخذ في الثاني من حرز مهتوك، وقال بعضهم: عليه القطع، لأنه سرق نصابا من حرز هتكه، وهو الأقوى. فإن أخرج أولا ثمن دينار ثم عاد في الليلة الثانية وأخذ ثمن دينار فتكامل نصابا قال قوم: لا قطع عليه، لأنه لو عاد من ليلته لا قطع عليه، وقال قوم: عليه القطع كما لو عاد من