مسألة: قال الشيخ في الخلاف: لو قتل اثنان رجلا وكان أحدهما لو انفرد بقتله قتل دون الآخر، فإن كان عدم وجوب القود على الآخر لمعنى فيه - مثل أن يشارك الأب أجنبيا في قتل الولد أو المسلم نصرانيا في قتل نصراني أو الحر العبد في قتل عبد - فعلى شريكه القود دونه، وإن كان عدم القود لمعنى في فعله - مثل إن كان عمدا محضا شارك من قتله خطأ أو عمد الخطأ - فلا قود على واحد منهما، وبه قال الشافعي، وقال مالك: على القاتل القود سواء سقط عن شريكه لمعنى فيه أو في فعله، وقال أبو حنيفة: لا قود عليه سواء سقط القود عن شريكه لمعنى فيه أو في فعله، دليلنا: على مالك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وآله - " ألا إن في قتل العمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون خلفة في بطونها أولادها " فأوجب في عمد الخطأ الدية، وهذا عمد الخطأ، لأنها روح خرجت عن عمد وخطأ، وعليه إجماع الفرقة وأخبارهم. وعلى أبي حنيفة قوله تعالى: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل) وهذا قتل مظلوما فلوليه سلطان، وقوله - عليه السلام -: " ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقلته، فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين، إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية " ولم يفصل (1).
وقوى في المبسوط وجوب القود على العامد، سواء سقط القود عن شريكه لمعنى فيه أو في فعله (2). وهو المعتمد، وبه قال ابن الجنيد، وابن إدريس (3).
لنا: أن مناط القود موجود فيثبت مقتضاه، وبيان الصغرى أن القود إنما يجب مع العمد العدوان، سواء استقل به أولا، وهذا الفعل الصادر عنه لا يخرج عن كونه عمدا ظلما بالمشاركة للمخطي، فإن الفعل تابع لقصد فاعله