هذا التحرير لو قامت البينة عليه بأنه سرق نصابا من حرز لغائب وليس للغائب وكيل يطالب بذلك لم يقطع حتى يحضر الغائب ويطالب، فأما إن قامت عليه البينة أو أقر بأنه قد زنى بأمة غائب فإن الحاكم يقيم عليه الحد ولا ينتظر مطالبة آدمي، لأنه حق محض لله تعالى، ولهذا قال الشيخ في الخلاف: لو سرق عينا يجب فيها القطع فلم يقطع حتى ملك السرقة بهبة أو شراء، لم يسقط القطع عنه، سواء ملكها بعد أن ترافعا إلى الحاكم أو قبله، بل إن ملكها قبل الترافع لم يقطع، لا لأن القطع سقط، لكن لأنه لا مطالب له بها، ولا قطع بغير مطالبة بالسرقة، ونعم ما قال (1).
والمعتمد أن الزنا والسرقة إن ثبتا بالبينة فالوجه ما قاله الشيخ، للتجويز الذي ذكره إن ادعى في الأمة التحليل أو الاتهاب، وإلا فلا. وبالجملة فإن الشبهة حاصلة وهي دارئة للحدود، وإن ثبتا بالإقرار حد في الزنا ولم يقطع في السرقة، لأنه لا مطالب لها ولا حد في السرقة إلا بعد المطالبة، وهو اختيار ابن إدريس أيضا.
مسألة: قال الشيخ في الخلاف (2) والمبسوط (3): من سرق باب دار رجل قلعه وأخذه أو هدم من حائطه آجرا وبلغ قيمته نصابا كان عليه القطع، لعموم الآية والخبر، وكذا يقطع لو قلع حلقة الباب المسمرة فيه، لأن حرزها ذلك. وتبعه ابن البراج (4).
وقال ابن إدريس: الذي يقتضيه أصول مذهبنا أنه لا قطع على من أخذ ذلك بحال، لأن الحرز عندنا القفل والغلق والدفن، وليست هذه الأشياء في