مسلما قتل ذميا فإنه يقتل، وللشافعي قولان (1): أحدهما مثل ما قلناه، والثاني - وهو أصحهما عندهم -: لا يقتل. دليلنا: قوله تعالى: " أو يقتلوا " وقد بينا أن معناه أن يقتلوا، إن قتلوا ولم يفصل، وتخصيصه يحتاج إلى دليل. والقول الثاني قوي أيضا، لقوله - عليه السلام -: " لا يقتل والد بولده، ولا يقتل مؤمن بكافر ".
إلا أن المحارب يتحتم عليه القتل لكونه محاربا، ألا ترى أنه لو عفا الولي عنه وجب (2) قتله، فلا يمتنع على هذا أن يجب قتله وإن كان قتل ولده أو ذميا لكونه محاربا (3). وهذا يدل على تردده، لكن الأقوى الأول.
قال في المبسوط: والأول يقتضيه عموم الأخبار (3)، وبه قال ابن إدريس (5) وقد تقدم.
مسألة: قال الشيخ في الخلاف: قد بينا أن المحارب إذا أخذ المال قطع، ولا يجب قطعه حتى يأخذ نصابا يجب فيه القطع في السرقة، وللشافعي قولان:
أحدهما مثل ما قلناه وعليه عامة أصحابه، وقال بعضهم: يقطع في قليل المال وكثيره، وهو قوي أيضا، لأن الأخبار وردت أنه إذا أخذ المال وجب قطعه، ولم يقيدوا، فوجب حملها على عمومها. دلينا: أن ما اعتبرناه مجمع على وجوب القطع به، وما قالوه ليس عليه دليل، وأيضا قوله - عليه السلام -: " القطع في ربع دينار " (6).
وقال ابن إدريس: لا يعتبر النصاب، بل يقطع في الأقل، ولا يعتبر الحرز أيضا (7). وهو الذي قواه الشيخ في المبسوط (8)، وهو المعتمد.