العمران بها في اطلال الديار ورسوم البناء وأعجاز النخل المنقعر وكان هذا العمل يرجع في أول الدولة الحفصية لعامل الزاب وكان من الموحدين ونزل بسكرة ما بينها وبين مغرة وكان من اعماله قصور واركلا أيضا ولما فتك المنتصر بمشيخة الزواودة كما قلناه في أخباره وقتلوا بعد ذلك عامل الزاب بن عتوا من مشيخة الموحدين وغلبوا على ضواحي الزاب وواركلا وأقطعتهم إياها الدول بعد ذلك فصارت في أقطاعهم ثم عقد صاحب بجاية بعد ذلك على العمل كله لمنصور بن مزنى واستقر في عقبه فربما يسيمون بعض الأحيان أهل تلك القصور المغرم للسلطان بما كان من الامر القديم ويعسكر عليهم في ذلك كتائب رجل الزاب وخيالة العرب ويبرز عليها بأمر الزواودة ثم يقاسمهم فيما يمتريه منهم وأكبر هذه الأمصار يسمى تقرت مصر مستبحر العمران بدوي الأحوال كثير المياه والنخل ورياسته في بني يوسف بن عبد الله وتغلب على واركلا من يد أبى بكر بن موسى لزمان حداثته وأضافها إلى عمله ثم هلك وصار أمر تقرت لأخيه مسعود ابن عبيد الله ثم لابنه حسن بن مسعود ثم لابنه أحمد بن حسن شيخها لهذا العهد وبنو يوسف بن عبد الله هؤلاء من ريغة ويقال انهم من سنجاس وفى أهل تلك الأمصار من المذاهب الخوارج وفرقهم كثير وأكثرهم على دين العزابية ومنهم النكارية أقاموا على انتحال هذه الخارجية لبعدهم عن منال الاحكام ثم بعد مدينة تقرت بلد تماسين وهي دونها في العمران والخطة ورياسته لبنى إبراهيم بن؟؟ من ريغة وسائر أمصارهم كذلك كل مصر منها مستبد بأمره وحرب نجاره (وأما لقواط) وهم فخذ من مغراوة أيضا فهم في نواحي الصحراء ما بين الزاب وجبل راشد ولهم هنالك قصر مشهور بهم فيه فريق من أعقابهم على سغب من العيش لتوغلهم في القفر وهم مشهورون بالنجدة والامتناع من العرب وبينهم وبين الروس أقصى عمل الزاب مرحلتان وتختلف قصودهم إليهم لتحصيل المرافق منهم والله يخلق ما يشاء ويختار (وأما بنو ورا) فهم فخذ من مغراوة أيضا ويقال من زناتة وهم متشعبون ومفترقون بنواحي المغرب منهم بناحية مراكش والسوس ومنهم ببلاد شلب ومنهم بناحية قسنطينة ولم يزالوا على حالهم منذ انقراض زناتة الأولين وهم لهذا العهد أهل مغارم وعسكرة مع الدول وأكثر الذين كانوا بمراكش قد انتقل رؤساؤهم إلى ناحية شلب نقلهم يوسف بن يعقوب سلطان بنى مرين في أول هذه المائة الثامنة لما ارتاب بأمرهم في تلك الناحية وخشى من افسادهم وعيثهم فنقلهم في عسكر إلى موطن شلب لحمايته فنزلوا به ولما ارتحل بنو مرين من بعد مهلك يوسف بن يعقوب أقاموا ببلاد شلب فأعقابهم بها لهذا العهد وأحوالهم جميعا في كل قطر متقاربة في المغرم والعسكرة
(٤٨)