فيها كما نذكره بعد في أخبار القرابة ثم أعمل السلطان نظره في غزو تلمسان على ما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن حركه السلطان أبى يوسف إلى تلمسان وواقعيته على يغمراسن وقومه بايسيلى} لما غلب السلطان أبو يوسف على بنى عبد المؤمن وفتح مراكش واستولى على ملكهم سنة ثمان وستين وعاد إلى فاس كما ذكرناه تحرك ما كان في نفسه من ضغائن يغمراسن وبنى عبد الواد وما أسفوا به من تخذيل عزائمه ومجادلته عن قصده ورأى أن واقعة تلاغ لم تشف صدره ولا أطفأت نار موجدته فأجمع أمره على غزوهم واقتدر بما صار إليه من الملك والسلطان على حشد أهل المغرب لحربهم وقطع دابرهم فعسكر بفاس وسرح ولده وولى عهده أبا مالك إلى مراكش في خواصه ووزرائه حاشدين في مدائنها وضواحيها وقبائل العرب والمصامدة وبنى ورا وغمرة وصنهاجة وبقايا عساكر الموحدين بالحضرة وحامية الأنصار من جند الروم وناشبة العز فاستكثر من أعدادهم واستوفى حشدهم واحتفل السلطان بحركته وارتحل عن فاس سنة سبعين وستمائة وتلوم بملوية إلى أن لحقته الحشود وتوافت إليه أمداد العرب من قبائل جشم أهل تامسنا الذين هم سفيان والخلط والعاصم وبنو جابر ومن معهم من الأثبج وقبائل ذوي حسان والشبانات من المعقل أهل السوس الأقصى وقبائل رياح أهل ازغار والهبط فاعترض هنالك عساكره وعبى مواكبه فيقال بلغت ثلاثين ألفا وأرتحل يريد تلمسان ولما انتهى إلى انكاد وافته رسل ابن الأحمر هنالك ووفد المسلمين بالأندلس صريخا على العدو يستجيشون بإخوانهم المسلمين ويسألونهم الإعانة فتحركت همته للجهاد ونصر المسلمين من عدوهم ونظر في صرف الشواغل عن ذلك وجنح إلى السلم مع يغمراسن وصوب الملا في ذلك رأيه لما كانوا عليه من ايثار الجهاد وانتدب جماعة من المشيخة إلى السعي في صلاح ذات بينهما وانكفأ من غرب عدوتهما وساروا إلى يغمراسن فوافوه بظاهر تلمسان وقد أخذ أهبته واستعد للقاء واحتشد زناتة أهل ممالكه بالشرق من بنى عبد الواد وبنى راشد ومغراوة وأحلافهم من العرب زغبة فلج في لك واستكبر وصم عن اسعافهم وزحف في جموعه والتقى الجمعان بوادي ايسيلى من بسائط وجدوة السلطان أبو يوسف قد عبى كتائبه ورتب مصافه وجعل ولديه الأميرين أبا مالك وأبا يعقوب في الجناحين وسار في القلب فدارت بينهم حرب شديدة أجلت عن هلاك فارس بن يغمراسن وجماعة من بنى عبد الواد وكاثرهم حشود المغرب الأقصى وقبائله وعساكر الموحدين والبلاد المراكشية فولوا الادبار وهلك عامة عسكر الروم
(١٨٤)