داخلا في ذاتي خارجا من سائر الأشياء فأرى في ذاتي من الحسن والبهاء ما أبقى له متعجبا بهتا فاعلم انى جزء من اجزاء العالم الشريف الإلهي ذو حياه فعاله فلما أيقنت بذلك رقيت بذهني من ذلك العالم إلى العلة الإلهية فصرت كأني موضوع فيها متعلق بها فأكون فوق العالم العقلي كله في كلام طويل وقال أيضا من حرص على ذلك العالم وارتقى إليه جوزي هناك أحسن الجزاء اضطرارا فلا ينبغي لاحد ان يفتر عن الطلب والحرص والاهتمام في الارتفاع إلى ذلك العالم وان تعب ونصب فان امامه راحه لا تعب بعدها ابدا وما يدل على هذا المطلب رسالته المعروفة بتفاحة وهي مشتملة على كلماته التي تكلم بها حين حضرته الوفاة وما احتج به على فضل الفلسفة وان الفيلسوف يجازى على فلسفته بعد مفارقه نفسه عن جسده.
وقال أيضا ليست النفس في البدن بل البدن فيها لأنها أوسع منه.
وقال انباذقلس ان النفس انما كانت في المكان العالي الشريف فلما أخطأت (1) سقطت إلى هذا العالم فرارا من سخط الله فلما انحدرت صارت غياثا للأنفس التي قد انخلطت عقولها وكان يدعو الناس بأعلى صوته ويأمرهم ان يرفضوا هذا العالم ويصيروا إلى عالمهم الأول الشريف ووافق هذا الفيلسوف اغاثاذيمون في دعائه الناس إلى رفض هذا العالم الا انه تكلم بالأمثال والرموز.
واما فيثاغورث صاحب العدد فكلامه في الرسالة المعروفة بالذهبية ناص على هذا الرأي والرسالة أيضا موجودة عندنا وقال في آخر وصيته لديوجانس انك إذا فارقت هذا البدن تصير عند ذاك مخلى في الجو العالي تكون حينئذ سائحا غير عائد إلى الإنسية ولا قابلا للموت.