29 - إنه لا ضير في أن تكون آية: (لولا نزل عليه آية من ربه (قد نزلت قبل حادثة المعراج، وانشقاق القمر، وتكليم الشجر، والحجر، وتسبيح الحصى، وتكليم الحيوانات، وغير ذلك من آيات.. فلم يستجب الله سبحانه إلى طلبهم هذا.. ثم حصلت آيات من شأنها أن تعطي اليقين، والدلالة الظاهرة على صحة هذا الدين، دون أن يكون هناك أي اقتراح من المشركين، من شأنه أن يثير سلبيات من أي نوع.
30 - وحتى لو أن هذه الآية، وآية سورة الرعد قد نزلتا بعد المعراج، وانشقاق القمر، وغير ذلك من آيات كثيرة، لم يكن ذلك ضائرا، إذ المقصود هو طلب نزول الآية في تلك الفترة، سواء أكانت قد سبقتها آيات أم لم تسبقها..
31 - كيف يظهر من آيتي سورتي (الأنعام والرعد): أن إنزال الآيات ليس ضروريا للنبوة إلا في حالات التحدي الكبير؟! والحال.. أن المطلوب هو آيات اقتراحية ، لا مجال للاستجابة لهم فيها، لأمور أربعة:
الأول: إن الآيات التي من شأنها إزاحة العذر، وإقامة الحجة القاطعة قد جاءتهم، فلم يؤمنوا بها، ومنها القرآن نفسه.
الثاني: إن للإستجابة للآيات الإقتراحية عواقب وخيمة - لو أنهم لم يؤمنوا بمقتضاها حيث قد جرت سنة الله في إهلاك الأولين بعد الاستجابة إلى مقترحاتهم.. واستمرارهم على الجحود، فراجع سورة الإسراء: الآية 59، وسورة الانعام: الآية 8 و 58.
الثالث: إن ذلك يجعل هذا الدين ملعبة بأيدي الأشرار والسفهاء، وأصحاب الأهواء..
الرابع: إن ذلك ربما يساعد على ضلال كثير من الناس، إذا كانوا يريدون إظهار أن النبي ليس من جنس البشر.
32 - وعن خوف موسى عليه السلام من قتل فرعون وقومه له، نشير إلى: أن هذا الخوف يدخل في دائرة الحذر الواجب شرعا.. كما حصل للنبي (ص) حين دخوله الغار، فإن ذلك حذر واجب على الرسول.. وليس خوف الجبن، والضعف، والانهزام، ولا يصح احتمال ذلك في حق الأنبياء.