خارج هذا النطاق لا يملك علم الواقع من ناحية فعلية.. وبهذا يرد على ما ذهب إليه بعض المفسرين من أن علم الغيب المنفي عن غير الله وارد على نحو الأصالة، فلا ينافي علم غيره بالتبعية مما يصدر منه، فإن الظاهر من كل الآيات نفي العلم الذاتي حتى على نحو التبعية بمعنى جعل النبي عالما بالغيب بحيث يملك علم الغيب في ذاته بقدرة الله في عطائه له كما أعطاه ملكاته الأخرى بل المسألة هي مسألة مفردات الغيب في حاجاته له من خلال الوحي بطريقة أخرى.
وفي ضوء ذلك نستطيع في النص القرآني الرد على الفكرة التي تجعل للنبي الولاية على الكون بأن يغيره ويبدله ويتصرف فيه من خلال القدرة العظيمة التي أودعها الله في شخصه مما يطلق عليه اسم (الولاية التكوينية) وإن هذه الفكرة لا تلتقي بالنصوص القرآنية السابقة فإذا كان النبي لا يملك - في فعلية قدرته الوجودية - لنفسه نفعا ولا ضرا، ولا يعلم الغيب الذي يهيئ له فرصة استكثار الخير في حياته وإبعاد السوء عن نفسه، فيما يستقبله من أمره، وتزداد المسألة وضوحا في الآية الكريمة في مواجهة النبي للمشركين في اقتراحاتهم التعجيزية كشرط للإيمان... الخ " (1).
ثم يتابع كلامه شارحا مقولته هذه وفقا لما نقلناه عنه في النص السابق، فلا حاجة إلى إعادته بتمامه ما دام أن ذلك لن يفيد شيئا وسيكون من التكرار الممل، والإطناب المخل.
وقفة قصيرة ونقول:
1 - إن هذا البعض قد قرر:
" أن الولاية التكوينية ليست من الضرورات التي تفرضها الرسولية.. ".
ونقول:
إن الرسولية تعني قيادة الأمة من موقع الهيمنة، كما دلت عليه طبيعة التشريع الإسلامي، وتعاليمه الغراء والمشتملة على جهاد الظالمين، وعلى إقامة الحدود، والقصاص، والقضاء بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما إلى ذلك..
ودلت عليه أيضا الآيات الكثيرة مثل قوله تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات، وأنزلنا معهم الكتاب والميزان، ليقوم الناس بالقسط. وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد،