(قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ((يونس: 16).
وهكذا جاء القرآن ليؤكد أن النبي (ص) لم (كذا) يمارس القراءة والكتابة:
(وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ( (العنكبوت: 48).
وقد كان ذلك كحجة على النبوة في عمقها الغيبي لأن هذه الشمولية الثقافية لا يمكن أن تكون منطلقة من الجهد البشري من إنسان لم تكن له أية تجربة ثقافية من خلال اطلاعه على مصادر المعرفة الكتابية أو غيرها.
ولكن ليس معنى ذلك أن النبي (ص) كان لا يملك المستوى الثقافي العالي من خلال تأملاته وتجاربه والألطاف الإلهية عليه في ملكاته الفكرية والروحية من خلال إعداد الله له للمهمة الكبرى في الرسالة الإسلامية " (1).
وقفة قصيرة ونقول:
1 - ان الصورة القرآنية تؤكد أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعرف ملة أبيه إبراهيم شيخ الأنبياء (عليه السلام)، وكان متبعا لها وملتزما بها قال تعالى: (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا، وما كان من المشركين ((2).
2 - إن الآيات التي استشهد بها على أقواله لا تدل على ما يرمي اليه، وذلك لأن بعضها - كآية سورة النساء: 113 وفيها: (وعلمك ما لم تكن تعلم (يدل على أن ما عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) من معارف إيمانية ومن حكمة وكتاب إلهي هو من الله سبحانه، وقد علم الله سبحانه نبيه بالإضافة إلى ذلك أمورا لم يكن (صلى الله عليه وآله) عالما بها.. وذلك لا يعني: أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن ملما بالأديان قبل أن يبعثه الله رسولا، إذ إن قوله تعالى: (علمك ما لم تكن تعلم (لم تبين لنا متى علمه ذلك، كما أنها لم تحدد الأمور التي علمه إياها، فهل علمه الأديان السماوية التي سبقته؟!، أو أنه علمه التفاصيل التاريخية لحياة الأنبياء؟!، أو علمه أسرار الخلق