وإن كان هو الأعلم، فبناء على ذلك يجب أن يكون أعلم أمته، وأعلم السابقين واللاحقين، وذلك طبعا بلطف من الله، وهذا يعني أيضا أن يكون مستوعبا لآخر العلوم والمكتشفات، وبالتالي يكون لديه علم الغيب، فكيف يكون ذلك؟
فأجاب:
" نحن نتكلم استنادا إلى القرآن، فالله أرسل الأنبياء مبشرين، ومنذرين (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ((الانعام: 48)، (وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ((الفرقان: 65)، (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ((الأحزاب: 45 - 46)، والله يعلم نبيه، ويعلم أولياءه من الغيب، ما يحتاجونه في نبوتهم، وليس من الضروري أن يعلموا الغيب كله، كما يقول السيد المرتضى.. فليس من الضروري أن يعلم النبي علم الذرة، وعلم الكيمياء، وعلم الفيزياء، لأنها ليست ذات صلة برسالتهم، أما وجوب ان يكون النبي أعلم الأمة، في كل شيء حتى ما لا علاقة له بمهمته الرسالية، ولكن الله قد يعلمه من ذلك ما يحتاجه فيه أو إذا أراد علم، فليس لدينا دليل على هذا " (1).
وقفة قصيرة ونلاحظ هنا ما يلي:
1 - إذا كان الله سبحانه قد أرسل أنبياءه مبشرين ومنذرين، فلا يعني ذلك أن مهمتهم محصورة في ذلك.. وما ورد من ذلك في بعض الآيات القرآنية لابد أن يتكامل وينضم إلى ما ورد في الآيات الأخرى، كقوله تعالى:
(هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم، يتلو عليهم. آياته ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة ((2).
وفي هذا الكتاب تبيان كل شيء.
وقوله تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات، وأنزلنا معهم الكتاب والميزان، ليقوم الناس بالقسط، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد، ومنافع للناس، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله لقوي عزيز ((3).