وعدم واقعيتها ليتجه الحديث إلى إثبات صحة ذلك بالروايات الصحيحة أو غير الصحيحة، في عملية نقاش علمي طويل بل القضية هي.. أن ذلك الأمر ليس من ضرورات العقيدة ولا من فروض العمل، فلماذا نكلف أنفسنا الجهد والتعب في الدخول في أبحاث ليس لها قيمة عقيدية أو عملية، بل قد تؤدي في بعض الحالات إلى ما يشبه عبادة الشخصية، إذا لم تؤد إلى الغلو المفرط عصمنا الله من الزلل ووقانا شر الانحراف عن الخط الإسلامي في العقيدة والعمل.. " (1).
وقفة قصيرة إن ما نقلناه عن هذا البعض آنفا من كلام، يتضمن الكثير من الموارد التي تستحق التوقف عندها، وحيث إن ذلك سيدخلنا في بحوث مطولة ومتشعبة، فلا بد من الاقتصار على ما لا يخل بالحد الأدنى من الانسجام في مطالب الكتاب، فنقول:
1 - إن هذا البعض لا يزال يؤكد - في كتبه ومحاضراته - على أن مهمة الأنبياء تنحصر في التبليغ والدعوة، وأن كل دورهم هو أن يغيروا العالم في صفته الفكرية العملية، لا التكوينية.
2 - ثم يدعي هذا البعض أن الأنبياء بشر عاديون، لا قدرة لهم على التصرف والتأثير في الأمور التكوينية. وهو يبدي استغرابه ممن يقول ذلك..
3 - إنه لم يزل يستشهد لمقولاته هذه بالآيات التي تضمنت التصريح بأن النبي بشر، كما في قوله تعالى (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب، فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا * أو تسقط السماء - كما زعمت - علينا كسفا، أو تأتي بالله والملائكة قبيلا * أو يكون لك بيت من زخرف، أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل: سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) (2).
ثم هو يضيف أن الآيات قد دلت على أن النبي لا يقدر على شيء مما ذكر، وليس لديه خارج قدرة البشر أي قدرة ذاتية غير عادية.
ولذا لم تنسب الخوارق في القرآن إلى الشخص إلا في قصة عيسى وإبرائه الأكمه والأبرص، وإحيائه الموتى.