ما هو إلا رجم بالغيب، فلعل هذا الأثر التدريجي كان يصدر عن طاقة أودعها الله فيه، ويتحرك من خلالها إراديا بحيث لولا أن الله أودعها فيه فهو لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا.
37 - والغريب أنه حصر علم النبي بالغيب بتاريخ الرسالات السابقة، لأن ذلك هو الذي يتصل بالتبشير والإنذار؟! بل لعله الأعظم أثرا في ذلك.
ولماذا لا يكون الإخبار عن الغيب الآتي أيضا له دوره الأهم في التبشير والإنذار.
38 - إن هذا البعض حصر علم النبي بالغيب بطريق الوحي الإلهي التدريجي عند الحاجة.
وهذا غير مقبول منه وغير سديد، إذ قد يكون هذا العلم بواسطة إعطاء قوة يستطيع بها أن يحصل على علم الغيب كلما أراد، كالإلهام مثلا.
39 - وحين تحدث عن العموم، والشمول لكل علم الغيب في قوله تعالى: (فلا يطلع على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول.. (.
أجاب عن ذلك بأنه يحتمل!! أن يكون قوله تعالى: (فإنه يسلك من بين يديه، ومن خلفه رصدا (إشارة إلى أن هذا الغيب، هو الجو الملائكي الذي يحميه من الشياطين.. فالآية لا تتحدث عن علم الرسول للغيب، بل عن حمايته بطريق الغيب، على طريقة الاستثناء المنقطع.
ونقول له:
ان من الواضح: أن مجرد الاحتمال لا يكفي للحكم بالنفي بصورة قطعية، بل لا بد من الدليل القاطع لأن النفي يحتاج إلى دليل، كما الإثبات يحتاج إلى دليل حسبما قرره هذا البعض.
ولا بد أن يكون هذا الدليل مفيدا للعلم، واليقين، لأنه في غير الشرعيات حسبما يقول أيضا.
40 - إنا نعرف أن الاستثناء المنقطع يحتاج إلى قرينة تبين أن المستثنى غير داخل في المستثنى منه.. والقرينة التي ذكرها هي نفس ما يدعيه من أن القرآن يؤكد نفي علم الأنبياء بالغيب.