" إن عليا - عليه السلام - يشرع في هذا المقطع من دعائه في تبيان ما من أجله كان يتوسل مقسما بأسماء الله تعالى، وصفاته.
وهو يبدأ بسؤال المغفرة للذنوب التي من شأنها أن تمس كيانه وشخصيته، فتحيلها إلى شخصية متهالكة، ضعيفة، لا حول لها، ولا قوة، فاقدة لأي اعتبار أو موقع، أو دور فاعل وإيماني في الحياة.
وفي قوله - عليه السلام - إشعار بأن هناك من الذنوب، ما من شأنه أن يفتك بكينونة الإنسان، ويحوله إلى مجرد ركام ليس له من الحياة إلا صورتها، فهو يعيش على الهامش من دون أي حضور أو موقع أو دور، فهو إنسان تفتك به الأمراض المعنوية من كل حدب وصوب، فإذا به إنسان فارغ مضطرب، سقيم فاشل وساقط لا يكاد يلوي على شيء.
إن أخطر الأمراض وأفدحها هي تلك التي تصيب شخصية الإنسان، أي تصيب روح الإنسان لأنها تفتك بالبعد الرئيسي من أبعاد وجوده وتميزه، وتصيب محل كماله، ومستودع آفاقه وآماله، ومرتكز مصيره.
ولذا فإنه - عليه السلام - يسأل الله سبحانه وتعالى، أن يغفر له الذنوب التي لها أمثال هذه النتائج، لكي يصلح سره وعلانيته معا، فيستعيد مكانته وموقعه في الحياة " (1).
وقفة قصيرة إن هذا البعض حين تصدى لشرح بعض الأدعية - كدعاء كميل وغيره - قد أوقع نفسه في ورطة كبيرة، حين ظهر أنه يتعامل في تعابيره - على الأقل - مع الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين، من حيث التوقير والاحترام المطلوب بما هو أقل مما يتعامل به مع الخدم والحشم ومع المرافقين فضلا عن الأولاد والأحفاد، أو سائر الناس العاديين.
وقد ذكرنا هنا وفي مواضع متعددة من هذا الكتاب شطرا من كلماته التي تظهر هذا الأمر..
وكنا نتمنى له أن يوفق لإصلاح ظواهر كلماته.. خصوصا.. وأن ما سجله في حق الأئمة (عليهم السلام) إذا رجع اليه من لا يعرف الإسلام، ولا الأنبياء، ولا الأوصياء، نعم.. إذا رجع إليه وقرأ ذلك بهدف استخلاص ملامح الصورة عن هذا الإمام، وعن ذلك النبي (ص) باعتبار أنه يرجع إلى أحد أتباع تلك الشخصية والعارفين