" وهنا يكمن سؤال: ماذا تعني هذه الآية في تقييم شخصية النبي محمد (ص) فهل كان يضعف أمام التحديات، لتجئ هذه الآية وأمثالها من أجل أن تقوي ضعفه، أو تسند له موقفه، أو تخفف عنه أحزانه، وتطيب به نفسه، وتزيل عنه آلامه؟ وهل جاءت في أجواء التأنيب الإلهي له، أو ماذا؟.
والجواب عنه: إن الآية ليست في مورد الحديث عن الحالة الواقعية الفعلية التي كانت تحيط بموقف النبي (صلى الله عليه وآله) أو تمثل شخصيته، بل كانت في مورد تقييم الطبيعة الموضوعية لما يمكن أن تثيره التحديات التعجيزية في الحالة الإنسانية من ضعف يبحث دائما عن الهروب، مما يمكن أن يحطم شخصيته أو يسيء إلى موقعه، أو يتعقد من ذلك، فيتحول إلى مخلوق مختنق بأزمته، وربما كان هذا السبب هو السر في الإتيان بكلمة (لعل) التي توحي بإمكانية الموضوع، لما تختزنه مثل هذه الأمور من نتائج على مستوى الانفعالات الإنسانية، في مواجهة عوامل الإثارة.
وبذلك يمكن أن تكون الآية عاملا وقائيا يريد الله به حماية النبي (ص) من الوقوع في مثل هذه التجربة، أو الخضوع لهذا الانفعال، أو تكون عملية إيحائية للعاملين - من خلال النبي - ألا يستسلموا لهذه الحالة، لو واجهوا مثلها، انطلاقا من فهمهم لطبيعة الدور الذي أوكله الله إليهم من الدعوة إلى سبيله بالوسائل الواقعية المألوفة ومما يجعلهم لا يعيشون الضعف في مواجهة هذه التحديات، لأنهم لا يعتبرونها تحديا لدورهم أو لقدرتهم الطبيعية، بل كل ما هنالك، أنها التحدي لما يتوهمه أولئك من دور، دون ارتكاز إلى علم أو إيمان " (1).
وقفة قصيرة ونقول:
1 - إن دلالات كلمات هذا البعض ترسم للقارئ طرفا من الصورة التي تعيش في ذهنه لأنبياء الله - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين -، وليس هذا المورد الذي نحن بصدد الحديث عنه إلا أحد المفردات الكثيرة التي تجسد هذا المعنى، وتؤكده.
فقد استهل كلامه بالإشارة إلى أن الآية الشريفة: لا تتحدث عن حالة واقعية