لكل ملهوف، والمفرج عن كل مهموم ومكروب.. وليس لي غيرك اسأله كشف ضري والنظر في أمري، فأنت ربي وسيدي ومولاي وملاذي في كل الأمور، ( سبحانك (إذ يختزن قلبي وعقلي ووجداني الإحساس بعظمتك في كل مواقع العظمة في مجالات التصور، وفي حركة القدرة في الواقع، في مظاهر الخلق والإبداع.. فيتحول ذلك إلى تسبيح منفتح خاشع مبتهل إلى الله، (إني كنت من الظالمين (فقد ظلمت نفسي في تحركي، أو تقصيري في سبيل الدعوة، من غير قصد، ولا عمد، وها أنذا - يا رب - راجع إليك بكل قلبي وعقلي وحياتي، لتتقبلني بكل لطفك ورضوانك ورحمتك، ولتكشف عني في كل أجواء الحيرة والغم التي تغمرني بالآلام والمشاكل، فهل تستجيب لي؟ إنك أنت الذي تستجيب كل الدعوات لمن دعاك " (1).
وقفة قصيرة ونقول:
1 - إن ثمة إصلاحا طرأ على عبارة هذا البعض وهو: أنه كان قد جزم في الطبعة الأولى من كتابه " من وحي القرآن " بأن الله سبحانه قد اعتبر ما فعله يونس تهربا من المسؤولية، لكنه في هذه الطبعة قال: قد لا يكون ذلك تهربا من المسؤولية.
ولعله قد ظن أن الناس سوف يعتبرونه قد اصلح وتراجع عن مقولته السابقة، الظاهرة في الإخلال بالعصمة للأنبياء..
ولكن الحقيقة هي أن ما فعله هنا قد اظهر إصراره الشديد على الطعن بعصمتهم (عليهم السلام) حيث قد نبهنا في الأبحاث السابقة لهذا الكتاب - وربما أكثر من مرة - إلى أن احتمال صدور المخالفة من النبي لا ينسجم ولا يجتمع مع اليقين بعصمته، مهما كان ذلك الاحتمال ضعيفا، حتى ولو بنسبة واحد بالمئة.. فإن عبارة: " قد لا يكون ذلك تهربا " تعني أن احتمال أن يكون تهربا، لا يزال باقيا أيضا. ولا يحتمل في حق المعصوم أن يتهرب من المسؤولية في أي من الظروف والأحوال، لأن احتمال ذلك في حقه معناه: أننا لسنا على يقين من عصمته.. وذلك واضح..
2 - من أين علم هذا البعض: أن يونس لم ينطلق للتفكير بالمستقبل في آفاق الدعوة إلى الله، التي تعمل على أن تطل على الآفاق الواسعة من عقل الإنسان وروحه وقلبه، لتنتظر منه إنفتاحة إيمان، ويقظة روح، وخفقة قلب - على حد تعبيره؟!