ولكننا نذكر القارئ بأمور قد يكون وقوفه عليها مفيدا وسديدا، فنقول:
الولاية التكوينية ضرورة حياتية المقصود بالولاية التكوينية هو المقدرة على التصرف والتأثير في الموجودات المحيطة إلى حد تجاوز القدرة العادية في التعامل مع النواميس الطبيعية، مثل أن يفجر للناس ينبوعا، أو أن يرقى في السماء، أو أن يكلم الحيوان، أو أن تطوى له الأرض، أو أن يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين قبل ارتداد الطرف، أو تحريك الرياح، وما إلى ذلك.
ونحن بغض النظر عما اشتملت عليه الأحاديث الكثيرة من تفاصيل فيما يرتبط بالولاية التكوينية، نستطيع أن نقرب للقارئ الكريم هذا الأمر على النحو التالي:
مقدمة ضرورية إن الغاية من تأسيس الدول، هو أن تضطلع بمهمات، وتعالج أمورا، أدرك الناس أنها ضرورية لحياتهم وبقاء وجودهم، فتصدوا لمعالجتها، وتفادي سلبياتها، وللهيمنة عليها في المجالات التي تعنيهم.
وإذا ألقينا نظرة فاحصة على هذه الأمور فإننا نجد أنها محدودة جدا، ومحصورة في نطاق خاص، وهو عينات قليلة مما يتعامل معه هذا الإنسان في حياته العملية الجوارحية، فتنشأ الوزارات، والأجهزة، والمؤسسات العظيمة والواسعة لإنجاز هذا المهم.
ولكنها برغم كل ما توظفه من إمكانات وقدرات مادية، وبشرية وفكرية، وغيرها، تبقى عاجزة عن حماية حفنة من التشريعات والقرارات المحدودة جدا التي تنشؤها، مع أن ما تضطلع به هذه الدول وتتصدى له ما هو إلا نقطة في بحر بالقياس إلى ما يدخل في نطاق اهتمامات الإسلام، ويأخذ على عاتقه مهمة التعاطي معه، ويريد أن يفرض نظامه وهيمنته عليه، وأن يجريه وفق مفاهيمه، ويدخله في أطره ومناهجه، التي وضعها بهدف إقرار حالة التوازن العام في مسيرة التكامل باتجاه الهدف الأسمى والأمثل الذي تسعى إليه المخلوقات بحسب مقتضيات خلقتها.