فكيف إذا كانت هذه النية من أحد الأنبياء المخلصين، فإنها تكون أشنع وأقبح، وقد تقدم تصريح البعض: بأن من ينوي ذلك، فهو إنسان سئ، وأن ذلك من مصاديق القبح الفاعلي على حد تعبيره، وفقا لما عند علماء الأصول.
5 - إن المخلص - بالفتح - هو الخالص لله، بحيث لا يكون فيه أية شائبة لغيره، فمن ينجذب نحو الفاحشة انجذاب الجائع إلى الطعام، ومن عزم على أن يفعل ما طلبته منه امرأة العزيز، ومن تتحرك فيه قابلية الاندفاع نحو الفعل الحرام، هل يكون خالصا لله، وصافيا بحيث لا تكون فيه أية شائبة؟!.
6 - هذا مع العلم: أن الله سبحانه قد قرر قبل ذلك مقام يوسف، وعلو درجته حيث قال: (.. ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما، وكذلك نجزي المحسنين ((1). ولم يشر بعد ذلك، لا من قريب ولا من بعيد ولو حتى بالعتاب، إلى ما ربما يتوهم منه عزمه على أن ينال منها ما كانت تريد نيله منه كما يدعيه ذلك البعض.
7 - ومع غض الطرف عن ذلك كله، فإن كلمة (هم بالشخص) ليس معناها هم بنكاحه، بل معناها: هم بضربه وإيصال الأذى إليه، حيث يقال: جاء فلان وتكلم بكلام سئ، فهممت به، أي هممت بإيصال الأذى إليه أو بضربه.
وقد ذكر هذا المعنى في الروايات عن الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وأن المراد: هم يوسف (ع) بضربها.
مناقشة وردها قال المرجع الديني سماحة الشيخ التبريزي وهو يرد على مقولات ذلك البعض: (إن لفظ (لولا) دال على امتناع همه بالمعصية لرؤية برهان ربه)..
فرد عليه ذلك البعض بقوله:
".. إن التعبير الصحيح أو البليغ لهذا المعنى هو: لولا أن رأى برهان ربه لهم بها، لتفيد معنى حصول الفعل الذي يحصل بالمستقبل، فلا يصح أن نقول: (جاء زيد لولا القوم)، بل الصحيح أن نقول: (لولا القوم لجاء زيد) " (2).
ونقول: إننا نسجل هنا ما يلي: