ثم قال:
" ذلك هو الذي جعل منها أم أبيها وربما كان لهذه الصفة أن تكون لكل نسائنا، لكل أخواتنا، أن يعشن هذه الروحية مع كل إنسان يعشن معه، ويشعرن بمسؤوليتهن عن حياته أو بمسؤوليتهن عن رسالته إذا كان صاحب رسالة، أن يعشن هذا الجو، وأن لا تكون البنت بنتا لأبيها فحسب، أن تكون أما له، حتى الزوجة في بعض الحالات قد تعيش مع إنسان يعيش جوع الحنان، وجوع العاطفة في طفولته، ربما كان لها أن تؤدي دور الزوجة كما تؤدي دور الأم من ناحية الحنان والعاطفة الروحية..
هذه الفكرة يمكن أن تعطي معنى طيبا لحياتنا، ويمكن أن تحرك هذا الجمود، وتعطي الطراوة لهذا الجفاف الذي يعيش في حياتنا، ويحولها إلى حياة يتعايش فيها الناس على أساس الحسابات، بعيدا عن معنى العطاء، وبعيدا عن كل معاني الروح، وربما نجد أن كثيرا من الناس من يعيشون قيادة الأمة، أو من يعيشون قيادة أي خلية من خلايا المجتمع، ربما نجد أن الجفاف العاطفي الذي عاشوه في طفولتهم ينعكس على طريقتهم في الحياة، وطريقتهم في العلاقات، وطريقتهم في كل حركة العمل.
ولهذا فإن هذا الجانب يمكن أن يمثل في حياة الإنسان ليس فقط حركة عاطفية تتصل بالشخص، ولكنها حركة عملية تتصل بحركة هذا الشخص في الحياة " (1).
وقفة قصيرة 1 - كنا قد ذكرنا تفسير البعض لكلمة (أم أبيها) في موضع آخر من هذا الكتاب، وعلقنا عليه هناك بما يتناسب معه.. ولكننا وجدناه في مورد آخر، وهو هذا الذي نقلناه عنه آنفا قد ذكر نفس هذا الموضوع، لكنه أضاف إليه بعض ما يوضح مراميه، وأهدافه منه..
حيث إنه قد صرح في آخر كلامه هنا:
" بأننا قد نجد في من يعيشون قيادة الأمة، أو قيادة أية خلية من خلايا المجتمع، أن الجفاف العاطفي الذي عاشوه في طفولتهم قد انعكس على طريقتهم في الحياة، وفي العلاقات، وفي كل حركة العمل.. " فإن هذا الجانب لا يمثل حركة عاطفية تتصل بالشخص، ولكنها حركة