88 - ليس للقرآن بطون، بل أنزل ليفهمه الجميع بشكل طبيعي.
يقول البعض:
" قد جاء عن الإمام الباقر عليه السلام فيما رواه عنه الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول الله عز وجل في كتابه: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) قال: من حرق أو غرق، قلت: من أخرجها من ضلال إلى هدى، قال: ذلك تأويلها الأعظم. ومن خلال ذلك نفهم أن التأويل لا يعني المعنى الباطني للكلمة فيما يحاول البعض أن يفسره من بطون القرآن فإنه قد أنزل على طريقة العرب في التعبير، ليفهمه الجميع بشكل طبيعي.. من دون أن يكون فيه أي إشارات رمزية.. فيما تعارف عليه الأسلوب الرمزي الذي يحمل الكلمة غير معناها، ويجري بها في غير مجالها من دون أساس للاستعارة والكناية والمجاز.. بل التأويل يمثل عملية الإستيحاء للمعنى من خلال التقاء المعاني ببعضها في الأهداف التي يستهدفها القرآن في القضايا التي يثيرها أمام الناس، والمفاهيم التي يريد أن يوحيها إليهم.. كما في هذه الآية التي تحدثت عن الحياة والموت، وعن الناس الذين يعتدون على الحياة، وعن الناس الذين ينقذونها.
.. فقد يستوحي منها الإنسان الفكرة فيمن ينقلون الناس من الضلال إلى الهدى، أو بالعكس، أو فيمن ينقلونه من الجهل إلى العلم أو بالعكس، وذلك لأن الله قد أشار إلى ذلك في قوله تعالى: (يا آيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)، كما عبر عن الذين يعيشون الضلال في واقعهم بالموتى في قوله تعالى: (إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين)، وهكذا يمكن لعملية الإستيحاء هذه أن تأخذ من الحياة والموت كل الأجواء التي تشارك هذين المعنيين في تحويل الإنسان من حالة الجمود إلى حالة اليقظة والحركة على مستوى الفكر والعمل والحياة " (1).
وقد قال في موضع أخر عن هذه الرواية المروية عن الإمام الباقر عليه السلام:
" فالإمام في ذلك يستوحي الحياة المعنوية من الحياة المادية " (2).
وقفة قصيرة ولنا هنا مع ما ذكره هذا البعض كلام كثير، لكن بما أن المقام ليس مقام