الهدى، الذي يضيء عمق الأمور على أساس المصلحة الحقيقية للإنسان.
القرآن يثير نقاط الضعف البشري في الأنبياء وفي ضوء ذلك، نفهم كيف يقدم لنا القرآن شخصية النبي من نقاط الضعف البشري قبل النبوة، عندما كان بعيدا عن الاهتداء التفصيلي بالشريعة والمنهج، خلافا للفكرة المعروفة لدى الكثيرين من العلماء الذين لا يوافقون على أن النبي يمكن أن يضعف أمام عوامل الضعف الذاتي قبل النبوة أو بعدها، حتى فيما لا يشكل معصية، أو انحرافا خطيرا عن الخط المستقيم.
وهكذا واجه موسى الموقف بشجاعة الاعتراف بما فعله قبل أن يبعث بالرسالة، ويهتدي بالحق من خلال الوحي النازل من الله.. فلم يسقط أمام التحدي الذي وجهه فرعون للرسالة على أساس ما وجهه لشخصه من عمل سابق.. بل أكده في مواقعه الذاتية قبل الرسالة قبل أن ينزل عليه الهدى الذي يدعو إليه الناس الآن، فارتكب ما ارتكبه في الجو الذي لو كان في الموقع الذي هو فيه الآن لما فعله، لا لأنه فعل حراما فلم يكن متعمدا للمسألة، وربما كان الشخص يستحق القتل، بل لأنه لم يكن ضروريا بالمستوى الذي وصلت إليه القضية في نتائجها السلبية على مستوى حياته الشخصية فيما أدت إليه من إرباك وتعقيد.. " (1).
وقفة قصيرة إن ما ذكره هذا البعض قد تضمن عدة نقاط لا يمكن قبولها وهي التالية:
1 - قلنا فيما تقدم من هذا الكتاب: إن جواب موسى (ع) لفرعون، حين ذكر فعلته بقتله للقبطي: (قال فعلتها إذن، وأنا من الضالين) يراد به السخرية من كلام فرعون بقرينة كلمة (اذن). وقد شرحنا ذلك هناك بما يناسب المقام فليراجع.
ولم يكن موسى (ع) بصدد الاعتراف بالجهل بالنتائج السلبية لما فعله، فإنه حتى الإنسان الغبي يدرك النتائج المترتبة على قتل إنسان ما من أي فئة كانت، فكيف إذا كان يعلم أن وراء هذا المقتول أمة بأسرها، بما فيها حاكمها المستكبر المدعي للألوهية؟.
2 - ولا ندري كيف حكم هذا البعض على موسى (ع) أنه حين قتل القبطي كان ضالا لا يعرف قواعد الشريعة؟!..