يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) (1).
وقفة قصيرة قد ذكر العلامة الطباطبائي أن أكثر المفسرين يقولون: إن الخصمين كانا من الملائكة، وأيد رحمه الله ذلك ببعض الشواهد، فلم يكن هناك نعجة ولا متخاصمان في عالم المادة، لأن القضية إنما هي في ظرف التمثل، ولا تكليف هناك، فلا توجد خطيئة ولا حكم، ولا غير ذلك في عالم الشهود..
وأما على قول بعض المفسرين من أن المتخاصمين كانا بشرا، فينبغي أن يؤخذ قوله تعالى: (لقد ظلمك) الآية... قضاء تقديريا، أي إنك مظلوم لو لم يأت خصمك بحجة بينة (2).
وإنما ذلك للحفاظ على ما قامت عليه الحجة من طريقي العقل والنقل: أن الأنبياء معصومون بعصمة من الله، لا يجوز عليهم لا كبيرة ولا صغيرة، على أن الله صرح قبل هذا بأنه آتاه الحكمة، وفصل الخطاب، ولا يلائم ذلك خطأه في القضاء (3).
ولو أغمضنا النظر عما قاله العلامة الطباطبائي فإننا نقول:
1 - إن افتراض الخطأ في ما جرى لداود (ع) على النحو الذي يقوله ذلك البعض، معناه عدم مصداقية كونه أسوة وقدوة، ومعناه أنه يحكم بين الناس بغير الحق، وأنه يتبع الهوى في أحكامه مما ترتب عليه آثار سلبية باعترافه هو نفسه، لكنه قال إنها غير أكيدة، مع أن الله سبحانه قد قال عن داود: (.. وشددنا ملكه، وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) ثم تلتها الآيات التي تتحدث عن نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب وذلك يشير إلى أن الآيات التي تحدثت عن قضية النعاج التسعة والتسعين لم يرد الله منها تخطئة داود (ع)، فان من آتاه الله فصل الخطاب - الذي هو تفكيك الكلام الحاصل من مخاطبة واحد لغيره، وتمييز حقه من باطله، وينطبق على القضاء - لا يعقل أن يخطئ في نفس ما آتاه الله إياه.
أضف إلى ما تقدم: أن دعوى: كون داود (ع) قد استعجل في الحكم انسياقا