وقفة قصيرة إننا نسجل هنا ما يلي:
1 - تقدم في هذا الكتاب أن الذي يطلب فيه اليقين هو خصوص الأمور العقائدية، التي يجب الإعتقاد بها على كل حال، وهي التي يتوقف عليها الإسلام والإيمان، كالتوحيد والنبوة واليوم الآخر، وكذا يطلب اليقين في المعجزة التي يتوقف عليها ثبوت أصول العقيدة، كالتي يتوقف عليها إثبات نبوة النبي، أما ما عدا ذلك، فإنما يجب الاعتقاد به لو التفت إليه لا مطلقا.
وهذه الأمور التي تحدث عنها هذا البعض هنا، لا دليل على اعتبار اليقين فيها، بل يكفي أن تثبت بالحجة المعتبرة شرعا وعند العقلاء، وذلك مثل الاعتقاد بكرامات النبي (ص)، كتسبيح الحصى بيديه (ص)، وسجود الشجر له (ص)، وتكليم الحيوان له، ونحو ذلك.
فإن ذلك لا مدخلية له في تحقق أصل الإيمان والإسلام، نعم لو ثبت للإنسان بحجة معتبرة وجب عليه الإعتقاد به، لئلا يلزم رد الخبر على أهل البيت عليهم السلام، وقد روي عن الإمام الباقر (ع)، وهو يتحدث عن أصحابه:
(إن أسوأهم عندي حالا، وأمقتهم إلي، الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا، ويروى عنا، فلم يعقله، ولم يقبله قلبه، اشمأز منه وجحده، وكفر بمن دان به، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج، وإلينا أسند، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا) (1).
وعنه عليه السلام:
(لا تكذبوا بحديث أتاكم به أحد، فإنكم لا تدرون لعله من الحق، فتكذبوا الله فوق عرشه) (2).
2 - إن هذا البعض يقول بعدم حجية أخبار الآحاد في التفسير، وفي التاريخ وفي الكونيات، وفي القضايا الدينية المتصلة بالمفاهيم والأوضاع المختلفة في الكون، وأفعال الأنبياء، وغير ذلك، وكذا الحال بالنسبة للروايات التي تتحدث عن ملكات الأشخاص وأسرار الواقع.