وأن الله قد صرح بأنه لا يطلع على (غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ((1).
ثم أخبر عن رسوله بأنه لا يبخل على الناس بما عنده من علوم غيبية، فقال:
(وما هو على الغيب بضنين ((2).
ثم ذكر عن عيسى عليه السلام أنه قال لقومه:
(وأنبؤكم بما تأكلون، وما تدخرون في بيوتكم ((3).
رغم: أنه لم يثبت أن عيسى عليه السلام حين قال لهم ذلك كان في مقام التحدي الأقصى لهم، وليس إخباره لهم بذلك بأعظم - من إحيائه لموتاهم، وإبرائه الأكمه والأبرص. وهذه هي معجزته لهم، وهي تكفي في مقام التحدي.
وقال يوسف عليه السلام لصاحبي السجن:
(.. لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ((4).
وما هي حاجة يوسف عليه السلام للعلم بتأويله قبل أن يأتيهما؟، فهل كان في موقع التحدي آنئذ؟! وما هو المنصب والمقام الذي اضطر يوسف لأن يحوز هذا العلم، ومنع غيره منه؟
وقال سبحانه في مواضع:
(ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ((5).
وذلك كله يبعد جدا تفسير الآية المذكورة، ومثيلاتها بإرادة النفي المطلق للغيب، إلا ما كان يوحيه الله إليهم في حالات تفرض الحاجة ذلك.
ثانيا:
إن هذا البعض يصر على أن ما يعلمه النبي بالغيب إنما يصله - حصرا - عن طريق الوحي - ونحن نقبل منه ذلك. وإن كنا لا نمنع من أن يكون الله سبحانه قد منح نبيه قوة يعلم بها بعض الغيوب كما دلت عليه الروايات