معنى الإباق، تماما كما هو إباق العبد من مولاه " (1).
ثم هو يقول:
" نستوحي من هذه القصة الخاطفة: أن الله قد يبتلي الدعاة المؤمنين، من عباده ورسله، فيما يمكن أن يكونوا قد قصروا فيه، أو تهربوا منه من مسؤوليات.
وأن الداعية قد يضعف أمام حالات الفشل الأولى، أو أوضاع الضغط القاسية، أو مشاكل الظروف الصعبة، كنتيجة لفكرة انفعالية سريعة، أو لشعور حاد غاضب.
ثم يلطف الله بهم بعد أن يتراجعوا عن ذلك، ويرجعوا إليه، فينجيهم من بلائه، ويحوطهم بنعمائه، ويسبغ عليهم من ألطافه وآلائه، لئلا يتعقد الخطأ، أو الانفعال في شخصيتهم، لينطلقوا إلى الحياة من روحية الصفاء الروحي، والنقاء الشعوري، من جديد، ليبدؤا الدعوة من حيث انتهوا، ويتابعوا المسيرة بعزم، وقوة، وإخلاص.
ثم نلتقي في أعماق الموقف بالابتهالات الخاشعة الخاضعة لله في روحية الإحساس بالعبودية، التي يشعر المؤمن معها بأن الله يلتقيه في مواقع الإنابة، مهما كانت الخطايا والذنوب، وأن الخطأ لا يتحول إلى عقدة، بل يتحول إلى فرصة للقاء بالله من جديد، في مواقع التوبة الحقيقية الخالصة، التي يبدأ فيها التائب تاريخا جديدا، وصفحة بيضاء من حياته " (2).
وقفة قصيرة إننا قبل أن نتعرض لشرح الآيات الخاصة بنبي الله يونس عليه الصلاة والسلام، نشير إلى أمرين:
أحدهما: إن ذلك البعض - حسبما أسلفنا - قد استوحى من قصة يونس (ع) أمورا ترتبط بما يبتلي الله به الدعاة من عباده ورسله، وذلك يعني: أن ما استوحاه من قصة هذا النبي ظهر له من قصته، وأنه مما ابتلي به هذا النبي نفسه، وذلك يعني أنه يمكن أن ينال جميع الأنبياء الآخرين، كما أنه قد قرر إمكانية ابتلاء الدعاة المؤمنين من عباد الله ورسله، بمثل ما ابتلى الله يونس، فيما يمكن أن يكونوا قد قصروا فيه، أو تهربوا منه من مسؤوليات.. وها نحن هنا نذكر النقاط التي استوحاها، وهي التالية: