على أن الحديث عما لديهم عليهم السلام من علوم، وعن كيفية حصولهم عليها هو بحد ذاته من الأمور الغيبية، التي لا سبيل لعقل البشر إليها، فلا بد من أخذها عنهم (ع)، لأنها لا تعرف إلا من قبلهم.
4 - معجزات الأنبياء خارج نطاق التحدي:
وملاحظة أخرى نسجلها هنا وهي أن ما أسماه ب " الخدمات غير العادية " لسليمان ولداود (ع)، هي من الأمور المعجزة التي كانت خارج دائرة التحدي واثبات النبوة وقد نطق بها القرآن الذي هو معجزة النبي (ص)، خارج نطاق التحدي واثبات النبوة، فهل إن حديث القرآن عن غيبيات الأنبياء يعد من الحديث الضبابي الذي لم يفهمه البعض؟!.
أما قضية الإسراء، وقضية المعراج ونحوها مما لا يستطيع ذلك البعض أن ينكره، فليست هذه كلها هي معجزته الرئيسية العامة.
هذا، مع أن كرامات ومعجزات النبي (ص) والأئمة من بعده، تعد بالعشرات، بل المئات، إلى درجة أن إنكارها وعدم ثبوتها يفسح المجال أمام إنكار واحدة من واضحات الإسلام. فراجع ما ينقلونه عنه (ص) من إطعامه (ص) جيشا بأكمله قبضة من تمر، أو من شاة، وتسبيح الحصى بيده، وتسليم الشجر والحجر عليه، وتكليم الحيوانات له، وغير ذلك كثيرا جدا. ولم يكن ثمة تحد يقتضي المعجزة، ولا كان ثمة ضرورة لإقامة الحجة لإثبات النبوة.
مع تذكيرنا بأن المعجزة لا تعني خرق سنن الكون وتغييرها.
أما قوله: لم يذكر في القرآن ما ظاهره نسبة الفعل إلى الشخص إلا بالنسبة لعيسى (ع). فلا يمكن قبوله. إذ قد تقدم ما يشير إلى مثل ذلك في آل داود وغيرهم بل ثمة ما يشير إلى ذلك بالنسبة لأحد أتباع سليمان (ع) وهو آصف بن برخيا، الذي نسب الإتيان بعرش بلقيس إلى نفسه: أنا آتيك به.. الخ..
على أن تعقيب الحديث عن عيسى (ع) بقوله (بإذن الله) لا يمنع من نسبة الفعل إلى هذا النبي، واختياره فيه كما اعترف به،.. فهي على غرار قوله تعالى، (وما كان لنفس أن تؤمن الا بإذن الله)، مع أن مدار العقاب والثواب، على الايمان. وكل ذلك يدل على أن قوله تعالى (بإذن الله) غير ظاهر الفائدة