استجابة لذلك الإحساس، كما همت به، ولكنه توقف ثم تراجع.. ورفض الحالة بحزم وتصميم، لأن المسألة عنده ليست مسألة تصور سابق، وموقف متعمد، وتصميم مدروس، كما هي المسألة عندها، ليندفع نحو خط النهاية، كما اندفعت هي، ولكنها كانت مسألة انجذاب جسدي يشبه التقلص الطبيعي، والإندفاع الغريزي.. إنها لحظة من لحظات الإحساس، عبرت عن نفسها ثم ضاعت وتلاشت أمام الموقف الحاسم، والعقيدة الراسخة، والقرار الحازم.. المنطلق من حساب دقيق لموقفه من الله، فيما ينطلق فيه من عقيدة، وفيما يتحرك فيه من خط، وفيما يقبل عليه من عقاب الله، لو أطاع إحساسه.. وهذا ما عبر عنه قوله تعالى: (لولا أن رأى برهان ربه.. (، فيما تعنيه كلمة " البرهان " من الحجة في الفكرة التي تقوده إلى وضوح الرؤية، فتكشف له حقيقة الأمر، فيحس، بعمق الإيمان، أنه لا يملك أية حجة فيما يمكن أن يقدم عليه، بل الحجة كلها لله.. وربما كان جو هذه الآية هو جو قوله تعالى: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون.. (وقد نستوحي ذلك من مقابلة كلمة (هم بها)، لكلمة (همت به) فقد اندفعت إليه بكل قوة وضراوة واشتهاء، فحركت فيه قابلية الاندفاع.. وكاد أن يندفع إليها لولا يقظة الحقيقة في روحه، وانطلاقة الإيمان في قلبه.. وبذلك كان الموقف اليوسفي، فيما هو الإنجذاب، وفيما هو التماسك والتراجع والإنضباط، مستوحى من الكلمة، ومن الجو الذي يوحي به السياق معا " (1).
وقفة قصيرة إن آيات القرآن الكريم لا تؤيد ما ذكره هذا البعض، إن لم نقل: إنها تدل على عدم صحته. ونحن نبين المراد من الآيات الشريفة بمعزل عما ذكره ذلك البعض، فنقول:
1 - إننا قبل كل شيء هنا نذكر سؤالا وجه إلى ذلك البعض، وأجاب عليه.. والسؤال والجواب هما كما يلي:
س: إذا نوى الإنسان أن يفعل فعلا سيئا مثلا، وصمم أن يرتكب فاحشة الزنا فهل يحاسب هذا الإنسان وكيف يمكن أن نتخلص من مقولة (إنما الأعمال بالنيات) إذا كان الجواب بالنفي؟
" ج: المعروف أن الإنسان لا يحاسب على نيته إذا لم يحولها إلى واقع فالإنسان