قد يطلعه على بعض غيبه مما يحتاجه في نبوته من أمور المستقبل، ومن خفايا الأمور كما في قصة عيسى (ع)، (وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ((آل عمران: / 49) ونحو ذلك، ولعل هذا هو الذي أشار إليه أمير المؤمنين علي (ع) في إخباره بالمغيبات عن سؤاله: (هل هذا علم بالغيب؟) في تصورهم للمعنى الذاتي من خلال القدرات الخاصة التي يملكها في ذلك.
فأجاب: (وإنما هو تعلم من ذي علم) (1) وهذا هو الذي عبر عنه بعض المفسرين (هو علم الغيب بالعرض) أي تعلم من عالم الغيب.
وخلاصة الفكرة: هي أن الله كان يطلع رسله بطريقة التعليمات التدريجية المحدودة على الغيب كما في قوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ((سورة الجن: 26) ولم يكن علم الغيب منطلقا من قدرة تتحرك بالفعلية ليعلم بالغيب كل ما أراد من خلالها بحيث إن الله أعطاه ذلك من خلال القاعدة المنتجة للعلم في نفسه.. والله العالم " (2).
وقفة قصيرة إننا نسجل هنا ما يلي:
1 - من أين؟ وكيف علم هذا البعض أن النبي لا يملك مقومات ذاتية كبيرة، أو قدرات مطلقة، أو أن الأنبياء ليسوا فوق مستوى البشر في قدراتهم الذاتية وإمكاناتهم.
فإن ذلك من الأمور التكوينية، ومن الغيبيات التي لا يعرفها إلا الله سبحانه..، وهو يشترط في معرفة الأمور التكوينية والغيبية وغيرها، قيام الدليل القطعي، الموجب لليقين التام، ولا يكفي فيها مطلق ما هو حجة..
2 - إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) أفضل من البشر، وإذا كان الله سبحانه قد خلقه هو والأئمة قبل خلق الخلق بألفي عام، وجعلهم أنوارا بعرشه محدقين، وإذا كانوا أنوارا في الأصلاب الشامخة، والأرحام المطهرة.
وإذا كان النبي شاهدا على الخلق يرى أعمالهم الجوارحية، والجوانحية، ويشهد عليهم بها وإذا كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه، وإذا كانت تنام عيناه، ولا ينام قلبه، ثم ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من