وهذا التقصير - بنظره - لا بد أن ينتهي إلى الحرمان من النعم الجلى، التي يترصدها، حينما لا يصل إلى درجات تؤهله لتقبلها، وكذلك الحال بالنسبة إلى نفوذ دعائه وحجبه عن أن يستنزل العطايا الإلهية الكبرى، أو يرتفع به إلى مقامات سامية يطمع بها، ويطمح إليها.. كما أن النبي والوصي قد يجد نفسه غير متمكن من العصم التي يريد لها أن تكون منطلقا قويا يدفع به إلى ما هو أعلى وأسمى، وأجل.
وبعبارة أخرى: إنهم يرون: أن عملهم هو من القلة والقصور بحيث يوجب حجب الدعاء، ووقوعهم بالبلاء، ومن حيث إنه غير قادر على النهوض بهم بصورة أسرع وأتم ليفتح لهم تلك الآفاق التي يطمحون لارتيادها، ما دام أن شوقهم إلى لقاء الله يدعوهم إلى الطموح إلى طي تلك المنازل بأسرع مما يمكن تصوره.
فما يستغفر منه الأنبياء والأوصياء، وما يعتبرونه ذنبا وجرما.. إنما هو في دائرة مراتب القرب والرضا وتجليات الألطاف الإلهية.. وكل مرتبة تالية تكون كمالا بالنسبة لما سبقها، وفي هذه الدائرة بالذات يكون تغيير النعم، ونزول النقم، وهتك العصم الخ.. بحسب ما يتناسب مع الغايات التي هي محط نظرهم عليهم السلام.
والخلاصة: إن كل فئة من هؤلاء إنما تقصد الاستغفار والتوبة تطبيقا للمعنى الذي يناسب حالها، وموقعها وفهمها ووعيها، وطموحاتها وخصوصيات شخصيتها، وحياتها وفكرها وواقعها الذي تعيشه، أي أنهم يقرؤون الأدعية ويفهمونها، ويقصدون من تطبيقات معانيها ما يناسب حال كل منهم، وينسجم مع معارفهم، وطموحاتهم.. ولكنها على كل حال أدعية مرسومة على البشر كلهم، وللبشر كلهم.
لفت نظر وأخيرا.. فإننا نلفت القارئ الكريم إلى الأمور التالية:
أولا: إن إنكار البعض أن يكون دعاء النبي (ص) أو الإمام (عليه السلام) تعليميا، ليس في محله، إذ لا ريب في أن ثمة أدعية قد جاءت على سبيل التعليم للناس، وبالأخص بعض الأدعية التي تعالج حالات معينة كالأدعية التي لبعض الأمراض أو لدفع الوسوسة أو لبعض الحاجات، وما إلى ذلك.. أو تريد بيان التشريع الإلهي للدعاء في مورد معين وقد لا يكون النبي (ص) أو الإمام (عليه السلام) موردا لذلك التشريع لسبب أو لآخر..
ثانيا: قوله إن الإمام إنما يدعو الله من حيث هو إنسان، لا يحل المشكلة، فإنه