حدثنا القرآن عنه بالنسبة لامرأة نوح وامرأة لوط: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين) (التحريم: 10).
إننا نستطيع أن نستوحي من ذلك أن الخيانة ليست خيانة العرض في الجانب الجنسي، ولكن الخيانة خيانة الرسالة، وخيانة الأمانة الرسالية.
ومن الطبيعي أن مثل هذا يترك تأثيرا سلبيا على أولاد الأنبياء، أو أولاد الأوصياء أو أولاد العلماء، وأن للأم تأثيرها الكبير إذا كانت خاضعة في أفكارها، وسلوكها للتيار الكافر المنحرف المضاد حيث إنها تدخل كل التيار إلى بيتها على نحو يجد النبي فيه نفسه محاصرا كما أنه محاصر في مجتمعه لأنه لا يستطيع أن يحمي بيته على أساس أن امرأته جزء من هذا البيت، وقد تملك من الفعاليات ما لا يستطيع أن ينقذ نفسه منها.
كما أننا لا نجد إشارة في القرآن إلى تاريخ ابن نوح لكننا نلاحظ أن أباه خاطبه أن يركب معه، وأن لا يكون من الخاسرين: (إركب معنا ولا تكن مع الكافرين) (هود: 42).
ولكنه لم يستجب لوالده: (قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) (هود: 43)، فأجابه نوح الذي فقد الأمل في تلك اللحظة: (لا عاصم اليوم من أمر الله) (هود: 43)، وعندما نادى ربه فإنه لم يناد ربه معترضا، ولكنه كان متسائلا لأن الله سبحانه وعده بأن ينجي ابنه: (قال: رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال: يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) (هود: 46).
وهكذا نستطيع أن نربط قرآنيا بين امرأة نوح، وابن نوح فنجد أنه كان خاضعا لتأثيرات تربية أمه أكثر من خضوعه لأبيه لقربه أكثر منها وتعلقه بمجتمعها.
وبهذا نستطيع أن نفهم الفرق بين مسألة إسماعيل وبين مسألة ابن نوح من أن إسماعيل عاش في بيئة استطاع إبراهيم أن يعزل فيها الولد عن ضغطها، بحيث عاش في بيئة لا يضغط عليها الانحراف بقوة في الوقت الذي كانت أمه صالحة أيضا، وبذلك أمكن حماية التجربة هنا، ولم يمكن حماية التجربة هناك " (1).
وقفة قصيرة ونقول:
قد ذكر هذا البعض: