497 - الخطأ غير المقصود للنبي (ص).
ويتحدث ذلك البعض عن الخطأ غير المقصود لنبينا محمد (ص)، فيورد احتمالا يقول:
" (عفا الله عنك) (1) وهذا أسلوب في العتاب لا يعنف في المواجهة، بل يرق ليخفف من وقع الخطأ، انطلاقا من عدم الاطلاع على مواقفهم الحقيقية، مما يؤدي إلى تصديقهم فيما يقولون " (2).
وقفة قصيرة إن من المعلوم: أنه ليس ثمة من خطأ على الإطلاق، وأن النبي (ص) كان مطلعا على حالهم، ولا يصح احتمال الخطأ، وغيره مما ذكره في حق النبي (ص)، بل المتعين أن يقال: إن النبي (ص) كان عالما بحقيقة نواياهم، ولكنه كان يظهر تصديقهم لأن عليه أن يعاملهم وفق الأمارات الظاهرية، لا وفق علمه الخاص بحالهم، كما أشارت إليه الآيات، فإذا كان يعرف ذلك، ثم يعاملهم بمنتهى الإحسان والرفق، فإنه يكون غاية في الخلق النبوي الكريم..
وقوله: (عفا الله عنك) تعبير يستعمل عادة في مقام إظهار استحقاق الطرف الذي يجري الحديث عنه إلى العقوبة، ولكن استعمال هذا التعبير لا يعني أن العفو عنه كان خطأ، فهو كقولك: سامحك الله لم عفوت عن فلان، فان العفو عنه حسن، لكن المطلوب هو إبراز استحقاقه للعقوبة، وهنا قد جاء التعبير الإلهي عنهم بذلك من أجل فضحهم، واظهار نواياهم، بل إننا إذا رجعنا إلى ما هو المتعارف عند الناس في مجال التعامل، فإننا نجدهم لا يتسامحون مع هذا النوع من الناس، بل يعاملونهم بصرامة وحزم، حين يدركون خبث باطنهم وسوء نواياهم، ومكرهم، واحتيالهم، ويرون أن معاملتهم بهذا المستوى من الصفح واللين خطيئة وذنب، فيكون قوله: (عفا الله عنك) أيضا مشيرا إلى ما بلغته معاملة رسول الله (ص) لهم من نبل وكرامة وصفاء، مع وجود هذا الحجم الهائل من خبثهم، ومن إجرامهم الكبير، ولا ينبغي إغفال حقيقة كون نسبة الخطأ إلى النبي (ص) منافية لعصمته في مذهب