ويذكر في موضع آخر (1) " أن الروايات التي تؤكد على هذه القصة بهذا الشكل تنتهي إلى كعب الأحبار، بالإضافة إلى الإغراق في التفاصيل التي تدخل في دائرة الأعاجيب.
أما تعليقنا على ذلك، فان الظاهر من الآية قد يؤكد فكرة ضرب أعناقها وسوقها، لأن مسألة تسبيلها في سبيل الله لا يتوقف على ردها عليه وكما أنه لا يفسر مسح أعناقها وسوقها، فان من المتعارف مسح الخيل على نواصيها كما أن هذه الروايات تلتقي مع ظهور الآية في رد الفعل الذي قام به سليمان إزاء انشغاله بها عن الصلاة، مما جعله يفكر بالخلاص منها بقتلها، من غير ضرورة لأن يكون ذلك على سبيل الانتقام منها، أو إتلافها كمال محترم لا يجوز إتلافه بل قد يكون ذلك بمثابة ضغط على نفسه التي أحبت الخيل بهذا المستوى الأمر الذي يريد إيلامها فيما تحبه بهذه الطريقة، مع ملاحظة أن ذلك حلال في شريعته لأن الخيل كانت تذبح كالأنعام، للطعام، والله العالم.
(ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا) إن هذه الآية توحي بوجود فتنة واختبار في حياة سليمان، لتوجيه بعض أوضاعه التي يريد الله له أن يركزها على أساس من الإستقامة في الفكر والعمل، فيما يبتلي الله به عباده ورسله من أجل أن يربيهم على الثبات في مواقع الاهتزاز من خلال حركة التجربة في الواقع العملي في حياتهم التي يراد لها أن تطل على حياة الآخرين من موقع القيادة الرسالية.. وربما توحي الآية من خلال قوله (ثم أناب)، بأنه ابتعد عن الخط قليلا، فيما هو القرب السلوكي من الله، ثم عاد إليه بعد أن رأى الضغط عليه، فيما ابتلاه به من ناحية فعلية " (2).
عرض الآيات قال الله تعالى: (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد انه أواب. إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد. فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب. ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق. ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب. قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب. فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب.