وقفة قصيرة إن من الواضح أن كلمة (آتاني الكتاب) تدل على أن ذلك قد حصل في الماضي أي أن الله سبحانه قد أعطاه ذلك في وقت سابق على موقفه هذا الذي يكلمهم فيه.
وقد استدل الأئمة (ع) بهذه الآية بالذات على إمامة الإمام الجواد (ع) في صغره وفقا لما هو ظاهرها الذي هو حجة فراجع (1).
كما أنه لا شك في صلاحيتها للاستدلال على إمامة الإمامين الهادي والمهدي (ع)، فتأمل وتنبه.
أضف إلى ذلك أن كلمة جعلني وآتاني إذا كانت تتحدث عن المستقبل، فإن قوله: وجعلني مباركا أيضا هي إخبار عن المستقبل، وهي تشعر بنفي البركة الفعلية عنه، مع أن كونه مباركا بالفعل وفي كل لحظات حياته، مما لا شك فيه ولا شبهة تعتريه، فلماذا هذا الإشعار بأمر لا حقيقة له؟!
فما معنى حمل الآية على أن عيسى (ع) أراد أن يخبرهم عن أنه سيحصل على درجة النبوة في المستقبل. وأن الله سيؤتيه الكتاب، وسيجعله نبيا. وقد كان بالإمكان أن يقول: سيؤتيني الكتاب، وسيجعلني نبيا، وسيجعلني مباركا. مع عدم وجود قرينة حالية ولا مقالية على إرادة زمن الاستقبال في الآية.
بل في صحيحة يزيد الكناسي قال:
سألت أبا جعفر (ع) أكان عيسى بن مريم (ع) حين تكلم في المهد حجة لله على أهل زمانه؟
فقال: كان يومئذ نبيا حجة لله غير مرسل. أما تسمع لقوله حين قال:
(إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) (2)..