4 - فإذا كانت مهمات الأنبياء هي التبليغ والإرشاد، وفقا لقوله تعالى: (يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) (1).
فان التصرفات الإعجازية وغير العادية تبقى محصورة في دائرة التحدي وإثبات النبوة وحاجات التبليغ والدعوة.
ثم يستنتج من ذلك أن: كل النصوص التي تثبت كرامات أو معجزات أو تصرفات غير عادية للأنبياء - خارج هذا النطاق - لا يلتفت إليها، بل تخرج عن دائرة السيرة والتاريخ الصحيح، أو الذي يمكن أن يكون صحيحا.
5 - ثم هو تبعا لذلك لا يرتضي القول بأن النبي (ص) قد يعلم الغيب - بلا حدود - إذا أراد (2).
6 - إنه يقول: من يقول إن بإمكان النبي أن يمارس التغيير الكوني كمن يقول: بأن النبي ملك.
فكلام هذا الرجل يدور حول هذه الأمور التي قدمناها، ولذلك فإننا سنقتصر على الحديث عنها.
فنقول:
1 - آيات التحدي لبشرية الرسول:
إن الآيات التي ذكرت تحدي الناس للرسول بالمطالب التعجيزية، فلم يستجب النبي (ص) لمطالبهم، لكونه بشرا وليس ملكا، إنما جاءت ردا على ما يزعمونه من لزوم كون النبي من غير البشر، ولذلك عقب الله تعالى هذه الآيات بقوله: (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا: أبعث الله بشرا رسولا. قل: لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا) (3).
ولأجل هذا نجد أنه (ص) لم يستجب لمطالبهم التعجيزية لأن ذلك يعني ترسيخ اعتقادهم الخاطئ في نفوسهم وإقرارهم عليه بصورة عملية.