8 - إن ما ذكره من أن المعجزة إنما تكون في مقام التحدي، وبعدها تعود الرسالة إلى مجراها الطبيعي، ويعود الرسول إلى الوسائل العادية، كأي إنسان آخر من دون أن يبادر إلى أي وسيلة عادية غير دقيق..
فإن ما تقدم يظهر لنا: أن الرسول الشاهد يحتاج إلى الاطلاع المباشر على ما يشهد به، فيرى من خلفه، وتنام عيناه، ولا ينام قلبه، ويرى أعمال الخلائق، وذلك يحتاج إلى وسائل غير عادية، والرسول المسؤول حتى عن البقاع والبهائم يحتاج إلى وسائل غير عادية ليعرف لغات البهائم ويحل مشاكلها (علمنا منطق الطير).
(قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنكم سليمان وجنوده، وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها (.
ولنتذكر أيضا حديث سليمان مع الهدهد.. وكذلك ما قدمنا في هذا المورد وموارد أخرى من هذا الكتاب حيث تكلمنا حول هذا الموضوع أكثر من مرة.
9 - ونجد في سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) مبادرات كثيرة إلى الوسائل غير العادية للتخلص من المشاكل.. وقد طلب سليمان من الذين حوله أن يأتوه بعرش بلقيس بوسائلهم غير العادية، فكان له ما أراد، كما نص عليه الكتاب العزيز.
وفي حرب الخندق أطعم النبي (ص) الجيش الجائع كله من شاة عجفاء، وحطم الصخرة التي اعترضت الجيش في حفر الخندق فعجز عنها - حطمها - بثلاث ضربات، ولو أردنا استقصاء الموارد التي من هذا القبيل لكان علينا ملء عشرات بل مئات الصفحات من تاريخ النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام)، ولا يمكن لأي كان من الناس أن يعتبر ذلك كله في عداد الموضوعات والمختلقات، فكيف أجاز هذا البعض لنفسه: أن يدعي أن معجزة النبي (صلى الله عليه وآله) الوحيدة هي القرآن؟!.
10 - أما قوله:
" إن التشريف لا يتمثل في إعطاء القدرة دون قضية " فغير مقبول أيضا.. فإن التشريف نفسه هو القضية، حيث يؤدي إلى المزيد من الاحترام للرسول، ورفعة شأنه، وتعميق الارتباط به من موقع التعظيم،