بشكل وبآخر، لا سيما أن النبي (ص) ينفي عن نفسه هذه القدرة فيما حدثنا القرآن عنه في جوابه للمشركين الذين اقترحوا عليه القيام ببعض الأفعال الخارقة للعادة، وذلك بقوله (سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) (الإسراء: 93) مما يوحي بأن الرسولية لا تفرض وجود مثل هذه القدرة في دوره ومهمته.
وهكذا نجد السؤال يفرض نفسه في الأحاديث التي تدل على أن الله خلق الكون لأجلهم، فإننا لا نستطيع أن نجد له تفسيرا معقولا حتى على مستوى وعي المضمون في التصور الفكري، فهل القضية واردة في نطاق التشريف، أو في نطاق الدور الرسالي، أو نطاق الهداية أو ما إلى ذلك؟
إن القضية ليست في الحديث عما هو الممكن والمستحيل في الجانب التجريدي من حيث الحكم العقلي، بل هي في إيجاد المبررات الواقعية للمضمون على أساس العلاقة بين النبوة أو الإمامة وبين هذه الأمور وإذا كان البعض يتحدث بأن ما لا نفهمه من هذه الأمور لا بد أن يرد علمه إلى أهله، فإن ذلك يفرض علينا إهمالها وعدم اعتبارها من أصول العقائد باعتبار أن العقيدة لا بد أن تمثل وعيا في الفكر وقناعة في الوجدان " (1).
وفي مورد آخر:
بعد أن اعترف هذا البعض صراحة بأن:
" الله القادر يملك أن يمكن بعض خلقه من بعض مواقع القدرة ووسائلها، ويمكن أن يوسع هذه الإمكانات لأكثر من مهمة جديدة في الكون.. كما أنه يمكن أن يبقيها في دائرة خاصة، وليس في ذلك أي انحراف عن العقيدة التوحيدية لأن القضية قضية عطاء إلهي يتحرك في الدائرة الخاصة التي يحددها الله لعباده من خلال إرادته المطلقة التي لا يعجزها شيء.. " بعد أن قرر ذلك.. اتجه نحو الحديث عن وقوع ذلك بالفعل أو عدم وقوعه، فقال:
" جانب الحاجة أو الضرورة لذلك، والسؤال: لماذا يجعل الله لهم الولاية التكوينية؟ هل هناك مهمة تتوقف على ذلك، بحيث تكون المسألة هي أن يملكوا القدرة الفعلية الشخصية بحيث يصدر الفعل منهم فلا يتحقق الهدف إلا من خلال ذلك، أم هي قضية تشريف إلهي لهم حيث يمنحهم هذا الموقع الكبير الذي لا يملكه أحد في الوجود غيرهم؟