(لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه، ثم ضرب صلعته مرارا وقال: يا أهل العراق أتزعمون أني أكذب على الله وعلى رسوله وأحرق نفسي بالنار؟! والله لقد سمعت رسول الله (ص) يقول: إن لكل نبي حرما، وإن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وأشهد بالله أن عليا أحدث فيها!! فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة). انتهى. ويقصد أبو هريرة بقوله إن عليا (عليه السلام) أحدث في المدينة أنه عندما أغار بسر بن أرطاة من قبل معاوية على المدينة، وأجبرهم على خلع بيعة علي (عليه السلام) والبيعة لمعاوية وكان أبو هريرة متحمسا لمعاوية! فجعله بسر واليا على المدينة! فجاء جارية بن قدامة السعدي (رحمه الله) بجيش من الكوفة فهرب منه بسر بجيشه وهرب أبو هريرة أيضا!
قال الطبري: 4 / 107: (ثم سار حتى أتى المدينة وأبو هريرة يصلي بهم فهرب منه فقال جارية: والله لو أخذت أبا سنور لضربت عنقه، ثم قال لأهل المدينة: بايعوا الحسن بن علي فبايعوه). (والنهاية: 7 / 357، وقد بايعوا الحسن لأنه بلغهم قتل علي (عليهما السلام)).
قال الشيخ محمود أبو رية في كتابه: أضواء على السنة المحمدية / 216، تعليقا على ضرب أبي هريرة على صلعته واتهامه عليا (عليه السلام): (على أن الحق لا يعدم أنصارا وأن الصحابة إذا كان فيهم مثل أبي هريرة ممن يستطيع معاوية أن يستحوذ عليه، فإن فيهم كثرة غالبية لا يستهويها وعد ولا يرهبها وعيد. فقد روى سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمر بن عبد الغفار أن أبا هريرة، لما قدم الكوفة مع معاوية، كان يجلس بالعشيات بباب كندة ويجلس الناس إليه فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه فقال: يا أبا هريرة أنشدك الله أسمعت رسول الله يقول لعلي