الغار، ولو وجد عليهم أعوانا ما هرب منهم. ولو وجدت أعوانا ما بايعتك يا معاوية! وقد جعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه ولم يجد عليهم أعوانا، وقد جعل الله النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة حين فر من قومه لما لم يجد أعوانا عليهم، وكذلك أنا وأبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة وبايعت غيرنا ولم نجد أعوانا. وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا.
أيها الناس، إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب، لم تجدوا رجلا من ولد النبي غيري وغير أخي...). (ورواه في الإحتجاج: 2 / 8).
وأكمل ما وصل الينا من نصوص هذه الخطبة، ما رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله) في أماليه بسنده عن عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده علي بن الحسين زين العابدين (عليهم السلام)، قال في / 561: (لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم معاوية فقال: أيها الناس، هذا الحسن بن علي وابن فاطمة، رآنا للخلافة أهلا، ولم ير نفسه لها أهلا، وقد أتانا ليبايع طوعا. ثم قال: قم يا حسن! فقام الحسن (عليه السلام) فخطب فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء وتتابع النعماء، وصارف الشدائد والبلاء، عند الفهماء وغير الفهماء، المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه، وعلوه عن لحوق الأوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته ووجوده ووحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اصطفاه وانتجبه وارتضاه وبعثه داعيا إلى الحق وسراجا منيرا، وللعباد مما يخافون نذيرا ولما يأملون بشيرا، فنصح للأمة وصدع بالرسالة، وأبان لهم