لأن النبي (صلى الله عليه وآله) هدر دمه لبذاءة لسانه!
وهو لم ينس أن أهل العراق لم يؤذوه معشار ما آذى هو وأبوه رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ولكنه شخص مادي الإحسابات والأهداف والعواطف، فلم يعمل يوما بالقيم الإسلامية أو الإنسانية، حتى نطلب منه أن يعمل بها اليوم في فتح الكوفة!
ثانيا: إن قول عمرو العاص: (ثم تحاكمنا إلى الله فحكم أنكم أنتم الظالمون لنا) يدلك على التفكير المادي الذي يحكم ذهنه ومعاوية، فالغلبة الدنيوية ميزان الحق فالغالب على حق والمغلوب على باطل! وهو التفكير اليهودي المادي.
وقوله: (فتداركوا ما سلف منكم بالسمع والطاعة يصلح لكم دينكم ودنياكم)، يدل على منهجه في مصادرة الدين لمصلحة المتسلط، فهو يطلب منهم أن يسمعوا ويطيعوا حتى يصلح دينهم، ويرضى عنهم الله تعالى!
ثالثا: المتأمل في مجرى مفاوضات الصلح، يلاحظ أن الإمام الحسن (عليه السلام) بذل أقصى الجهد، وحصل على أكثر ما يمكن من تعهدات، فما نسبته اليه رواية ابن الأعثم من أنه أقر بتقصيره في شروط الصلح لابد من رده أو تأويله! فقد زعمت أن المسيب قال له: (لم تأخذ لنفسك ولا لأهل بيتك ولا لشيعتك منه عهدا وميثاقا في عقد ظاهر، لكنه أعطاك أمرا بينك وبينه ثم إنه تكلم بما قد سمعت والله ما أراد بهذا الكلام أحدا سواك. فقال له الحسن: صدقت يا مسيب! قد كان ذلك فما ترى الآن؟). ومعناه الصحيح أن الإمام (عليه السلام) قال له: أفرض أن ما تقوله صحيحا فما العمل برأيك الآن؟ وهنا دعاه المسيب إلى إعلان نقض الصلح! وهو يدل على سذاجة المسيب فإن هدف معاوية دفع الإمام الحسن (عليه السلام) إلى حركة تنتهي بقتله!
رابعا: ماذا يفعل الإمام الحسن (عليه السلام) أمام هذا الطغيان الأموي واستخذاء الأمة؟! لقد وجه معاوية كلامه إلى زعماء الكوفة قبل الإمام (عليه السلام) وهم حاضرون يسمعون!