ثم أمرهم بعد أيام أن يخرجوا إلى حرب الخوارج فخرجوا! والطريف أن الخوارج خصموهم بالحجة، فمسح بها جنود الزعماء (الشرفاء) شواربهم!
قال الطبري في تاريخه: 4 / 126: (قدم معاوية قبل أن يبرح الحسن من الكوفة حتى نزل النخيلة فقالت الحرورية الخمسمائة التي كانت اعتزلت بشهرزور مع فروة بن نوفل الأشجعي: قد جاء الآن ما لا شك فيه فسيروا إلى معاوية فجاهدوه، فأقبلوا وعليهم فروة بن نوفل حتى دخلوا الكوفة فأرسل إليهم معاوية خيلا من خيل أهل الشأم فكشفوا أهل الشام (أي هزموهم)! فقال معاوية لأهل الكوفة: لا أمان لكم والله عندي حتى تكفوا بوائقكم (أي تعالجوا سيئاتكم)! فخرج أهل الكوفة إلى الخوارج فقاتلوهم! فقالت لهم الخوارج: ويلكم ما تبغون منا؟ أليس معاوية عدونا وعدوكم؟! دعونا حتى نقاتله وإن أصبناه كنا قد كفيناكم عدوكم وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا! قالوا: لا والله حتى نقاتلكم! فقالوا: رحم الله إخواننا من أهل النهر هم كانوا أعلم بكم يا أهل الكوفة)! انتهى.
أقول: إن الفرق كبير بين قتال أهل الكوفة للخوارج تحت راية هدى مع إمام حق بالنص والبيعة (عليه السلام)، وبين قتالهم لهم تحت راية ضلال وقيادة متسلط بالقهر والجبر، وإمام لأهل النار بالنص! ولكن أذهان الخوارج لا تدرك مدى التغير الشرعي والنفسي الذي طرأ على مقاتليهم اليوم ومقاتليهم بالأمس في النهروان.
خامسا: ينبغي الإشارة إلى أن معاوية أتقن برنامج دخوله إلى الكوفة، فقد عمل حزبه بنشاط متواصل لحشد رؤساء القبائل لاستقباله في النخيلة، ثم لاستقباله في مسجد الكوفة، وأرسل أمامه أبا هريرة ليحدث المسلمين عن النبي (صلى الله عليه وآله) ويذم عليا (عليه السلام) ويهيئ الجو لمعاوية في المسجد!
فقد نقل الرواة عن الأعمش (رحمه الله) ما كذبه أبو هريرة كما في شرح النهج: 4 / 67: قال: