المال لقبائل قريش والأنصار، فلم يعط بني هاشم شيئا! فغاظ ذلك ابن عباس فلحقه في الطريق واستعمل معه ديبلماسيته ومنطقه فأقنعه بأن يعطيهم، ومما قاله له: (نحن بنو عبد مناف وأنتم أحق الناس بمودتنا وأولاهم بنا، وقد مضى أول الأمر بما فيه فأصلح آخره فإنك صائر إلى ما تريد، وأما ما ذكرت من عطيتك إيانا فلعمري ما عليك في جود من عيب وأما قولك: ذهب علي أفترجون مثله؟ فمهلا يا معاوية رويدا لا تعجل! فهذا الحسين بن علي حي وهو ابن أبيه، واحذر أن تؤذيه يا معاوية فيؤذيك أهل الأرض، فليس على ظهرها اليوم ابن بنت نبي سواه. فقال معاوية: إني قد قلبت منك يا بن عباس). (فتوح ابن الأعثم: 4 / 338).
12 - ثم سافر معاوية إلى مكة فاستقبله شخصياتها ومنهم المعارضون الأربعة الذين كانوا سبقوه إلى العمرة، فغير أسلوبه معهم إلى النقيض وأظهر تجليلهم واحترامهم! قال ابن خياط في تاريخه / 160: (لما كان قريبا من مكة فلما راح من مر قال لصاحب حرسه: لا تدع أحدا يسير معي إلا من حملته أنا! فخرج يسير وحده حتى إذا كان وسط الأراك لقيه الحسين بن علي فوقف وقال: مرحبا وأهلا يا بن بنت رسول الله، سيد شباب المسلمين. دابة لأبي عبد الله يركبها، فأتي ببرذون فتحول عليه. ثم طلع عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: مرحبا وأهلا بشيخ قريش وسيدها وابن صديق هذه الأمة، دابة لأبي محمد فأتي ببرذون فركبه. ثم طلع ابن عمر فقال: مرحبا وأهلا بصاحب رسول الله وابن الفاروق وسيد المسلمين، ودعا له بدابة فركبها، ثم طلع ابن الزبير فقال له: مرحبا وأهلا يا بن حواري رسول الله وابن الصديق وابن عمة رسول الله، ثم دعا له بدابة فركبها. ثم أقبل يسير بينهم لا يسايره غيرهم حتى دخل مكة ثم كانوا أول داخل وآخر خارج، ليس في الأرض صباح إلا لهم فيه حباء وكرامة، لا يعرض لهم بذكر شئ مما