ففي مسند الشاميين للطبراني: 2 / 73 عن جبير بن نفير قال: (أخرج معاوية غنائم قبرس إلى الطرسوس من ساحل حمص، ثم جعلها هناك في كنيسة يقال لها كنيسة معاوية، ثم قام في الناس فقال: إني قاسم غنائمكم على ثلاثة أسهم: سهم لكم، وسهم للسفن، وسهم للقبط، فإنه لم يكن لكم قوة على غزو البحر إلا بالسفن والقبط. فقام أبو ذر فقال: بايعت رسول الله على أن لا تأخذني في الله لومة لائم: أتقسم يا معاوية للسفن سهما وإنما هي فيؤنا، وتقسم للقبط سهما وإنما هم أجراؤنا، فقسمها معاوية على قول أبي ذر). (ونحوه في: 2 / 120، وتاريخ دمشق: 66 / 193، وحلية الأولياء: 5 / 134، وغيرها). ولهذا فإن تسمية فتح قبرص بالغزوة غير دقيق، فأهل قبرص لم يكونوا يريدون الحرب فذهب جنود المسلمين لعرض قوتهم وكتابة عقد الصلح وجاؤوا بهدايا أو غنائم.
ويؤيد ذلك أن الروم بعد معركة اليرموك أصابهم انهيار واسع، شمل سوريا وفلسطين ومصر، فهو يشمل قبرص التي تقابل طرابلس وحمص وهي قريبة من الساحل حتى أنه قد يسمع منهما صياح ديوكها، وكانت معركة اليرموك قرب حمص، حيث برز بطل اليرموك المظلوم مالك الأشتر (رحمه الله) إلى ماهان بطل الروم الذي يعد بألف فارس، فهزمه وقلب ميزان المعركة وانهزم الروم هزيمة شنيعة!
وقد اتفق المؤرخون والمحدثون على أنه: (لما بلغ هرقل خبر أهل اليرموك وإيقاع المسلمين بجنده، هرب من أنطاكية إلى قسطنطينية، فلما جاوز الدرب قال: عليك يا سورية السلام! ونعم البلد هذا للعدو، يعني أرض الشام لكثرة مراعيها. وكانت وقعة اليرموك في رجب سنة خمس عشرة). (فتوح البلاذري: 1 / 162 وتاريخ الطبري: 2 / 293، و 628).
وقد وصف الواقدي في فتوح الشام: 2 / 5، انهيار الروم وهروب هرقل من أنطاكية