لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه... وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما) (الأحزاب: 53) وحرمة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته كحرمته في حياته!
فأجاب القاضي عبد الجبار بأن الموضع كان ملكا لعائشة وهي حجرتها التي كانت تسكن فيها، قال: (وقد بينا أن هذه الحجر كانت أملاكا لنساء الرسول وأن القرآن ينطق بذلك في قوله تعالى: وقرن في بيوتكن، وذكر أن عمر استأذن عائشة في أن يدفن في ذلك الموضع حتى قال: إن لم تأذن فادفنوني في البقيع وعلى هذا الوجه يحمل ما روي عن الحسن أنه لما مات أوصى أن يدفن إلى جنب رسول الله (ص) فإن لم يترك ففي البقيع، فلما كان من مروان وسعيد بن العاص ما كان دفن بالبقيع. وإنما أوصى بذلك بإذن عائشة، ويجوز أن يكون علم من عائشة أنها جعلت الموضع في حكم الوقف فاستباحوا ذلك لهذا الوجه).
وقال الآلوسي في تفسيره: 4 / 219، تبعا لعبد الجبار: (ومن الشيعة من أورد هنا بحثا وهو أن النبي (ص) إذا لم يورث أحدا فلم أعطيت أزواجه الطاهرات حجراتهن؟ والجواب: أن ذلك مغالطة لأن إفراز الحجرات للأزواج إنما كان لأجل كونها مملوكة لهن لامن جهة الميراث، بل لأن النبي (ص) بنى كل حجرة لواحدة منهن فصارت الهبة مع القبض متحققة وهي موجبة للملك. وقد بنى النبي (ص) مثل ذلك لفاطمة وأسامة وسلمه إليهما، وكان كل من بيده شئ مما بناه له رسول الله (ص) يتصرف فيه تصرف المالك على عهده. ويدل على ما ذكر ما ثبت بإجماع أهل السنة والشيعة أن الإمام الحسن لما حضرته الوفاة استأذن من عائشة وسألها أن تعطيه موضعا للدفن جوار جده المصطفى، فإنه إن لم تكن الحجرة ملك أم المؤمنين لم يكن للاستئذان والسؤال معنى. وفي القرآن نوع إشارة إلى كون