(حضر عبد الله بن عباس مجلس معاوية بن أبي سفيان، فأقبل عليه معاوية فقال: يا ابن عباس إنكم تريدون أن تحرزوا الإمامة كما اختصصتم بالنبوة؟! والله لا يجتمعان أبدا، إن حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس، إنكم تقولون: نحن أهل بيت النبي فما بال خلافة النبوة في غيرنا؟... فقال ابن عباس: أما قولك يا معاوية إنا نحتج بالنبوة في استحقاق الخلافة فهو والله كذلك، فإن لم يستحق الخلافة بالنبوة فبم تستحق؟! وأما قولك إن الخلافة والنبوة لا تجتمعان لأحد، فأين قول الله عز وجل: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما. فالكتاب هو النبوة، والحكمة هي السنة، والملك هو الخلافة، ونحن آل إبراهيم والحكم بذلك جار فينا إلى يوم القيامة. وأما دعواك على حجتنا أنها مشتبهة فليس كذلك وحجتنا أضوأ من الشمس وأنور من القمر، كتاب الله معنا وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) فينا وإنك لتعلم ذلك ولكن ثنى عطفك وصعرك! قتلنا أخاك وجدك وخالك وعمك فلا تبك على أعظم حائلة، وأرواح في النار هالكة ولا تغضبوا لدماء أراقها الشرك وأحلها الكفر ووضعها الدين! وأما ترك تقديم الناس لنا فيما خلا، وعدولهم عن الاجتماع علينا، فما حرموا منا أعظم مما حرمنا منهم وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه وزال باطله. وأما افتخارك بالملك الزائل الذي توصلت إليه بالمحال الباطل، فقد ملك فرعون من قبلك فأهلكه الله! وما تملكون يوما يا بني أمية إلا ونملك بعدكم يومين ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا حولا إلا ملكنا حولين). (ورواه في أخبار الدولة العباسية / 51، وفيه قول معاوية: (وقد زعمتم أن لكم ملكا هاشميا مهديا قائما والمهدي عيسى بن مريم، وهذا الأمر في أيدينا حتى نسلمه إليه)! وروى السيوطي شبيها به في الدر المنثور: 2 / 173، و مختصرا في تاريخ الخلفاء / 11).
وقد بشر الإمام الحسن بالإمام المهدي ودولة أهل البيت في زمن أبيه (عليهم السلام)، ففي